كلاهما رائع، ولكن من منهما الأفضل في إدارة أبل؟ هل هو العبقري ستيف جوبز الذي برع في تحويل الأفكار إلى منتجات جديدة؟ أم تيم كوك مدير العمليات وذراعة اليمنى الذي عمل على خطة لإنقاذ أبل، حيث قام بإغلاق مصانع أبل في كل أنحاء العالم والاكتفاء باستيراد مكونات أجهزته من الشركة الأفضل، مكتفيا بهامش ربح أوصله إلى قمة الهرم. يملك كلا الرئيسين أيديولوجيتهما الخاصة من أجل ابتكار المنتجات، واستراتيجية التسويق ورضا العملاء. وإذا كنت متابع جيد لأبل، فبالتأكيد تعرف قصصاً كثيرة عن هذين العبقريين ونقاط قوة وضعف كل منهما. لكن من منهما ساعد أبل كثيرا على النجاح؟


لا شك أنه عندما عمل الرجلان معا تمكنا من تحويل شركة أبل إلى شركة عملاقة لها صقلها ووزنها. وبرغم هذا التقدم، تنبأ كثير من النقاد بموت أبل وانتهاء أسطورتها بموت ستيف جوبز في 2011 وخاصة بعد تسلم قيادة أبل إلى تيم كوك. في الواقع هذا النقد وهذه المخاوف من انهيار أبل لا زالت تتردد إلى يومنا هذا، على الرغم من أن شركة أبل من أقوى الشركات في العالم وأكثرها ربحاً.

لكننا نرى معجبي أبل ينظرون إلى الماضي بعيون وردية، ويقولون أين جوبز العملاق؟ لو كان حيا ما حدثت تلك المشكلة ولا تلك الأزمة. لا شك أن جوبز يعدُّ تكنولوجياً بارعاً، لكن هل كان وقته هو أفضل أوقات أبل مقارنة مع تيم كوك؟ فيما يلي تقييم لمديري إدارة أبل التنفيذيين في عدة نقاط.


الجولة الأولى: الأداء المالي لشركة أبل

في عام 1996، بلغ الحد الأقصى لقيمة أبل السوقية 3 مليارات دولار. وعندما غادر ستيف جوبز منصب الرئيس التنفيذي بعد 15 عاما أي في عام 2011، بلغت القيمة السوقية لأبل 347 مليار دولار. وهذا يمثل ارتفاعاً مذهلاً يقارب 116 ضعف القيمة السوقية. في الوقت نفسه، استلم كوك الشركة وهي بقيمة 347 مليار دولار في عام 2011. وتحت إدارته الحكيمة، بلغت القيمة السوقية لأبل 922 مليار دولار الشهر الماضي. وربما تصل إلى تريليون دولار هذا العام إذا زادت 2.7 فقط.

ومع ذلك، فإن الظروف التي كانت سائدة خلال فترة تولي منصب الرئيس التنفيذي لشركة آبل مختلفة لكلا الرئيسين. جوبز يستحق كل الفضل، فهو من أسس لوصول أبل إلى ما هي عليه. وفي ظل عهد تيم كوك قفزت شركة آبل لتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم، بل مستميتة في الدفاع باستمرار عن هذا اللقب. وأيضاً أن تكون شركة بقيمة 1 مليار وتزيد 4 مليار أي تصبح 5 مليار هذا يجعلها 5 أضعاف حجمها في حين أن شركة بقيمة 100 مليار إن زادت 100 أخرى فهذا يعني فقط الضعف. يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة النمو بأرقام ضخمة لكن الكبيرة لا يمكن هذا. تخيل أن أبل بقيمة 347 مليار واحسب 116 ضعف فهذا يعني 40 ترليون دولار ويقارب الناتج القومي لكل من أمريكا وقارة أوروبا ومعهم اليابان.


الجولة الثانية: مشاكل آبل

من الذي أدار شركة آبل بأقل عدد من المشاكل؟ لم يواجه كلا الرئيسين فضائح كبرى مثل ما حدث لشركة Microsoft في مكافحة الاحتكار أو فضيحة تسريب البيانات على موقع Facebook، وانفجار أجهزة سامسونج، التي يعرفها القاصي والداني. لكن لا يخلو الأمر من مشاكل كبرى وقع فيها كلا الرئيسين، لم ترقى إلى فضائح.

بالنسبة لجوبز، تورطه في مشكلة تأريخ الأسهم، ومشكلة النموذج الأولي لآي-فون 4 فيما يعرف بمشكلة Antennagate وتقطيع الشبكة عند مسك الهاتف بشكل معين يمكنك مراجعة هذا المقال ، مخاوف بشأن ظروف العمل مع فوكسكون، وكذلك الرقابة في متجر التطبيقات.

بالنسبة إلى كوك، شملت المشاكل إطلاق خرائط أبل الكارثية، أزمة FBI والخصوصية، انحناء آي-فون 6، مزاعم الهروب من الضرائب، ومؤخراً مشكلة تقليل أداء الآي-فون بسبب البطارية.

وبالنظر إلى تلك المشاكل، يتبين أن تيم كوك هو من يملك أقلها خطورة. مثلا إصرار أبل على الحفاظ على خصوصية المستخدم في مواجهة مكتب التحقيقات الفيدرالية جعل أبل في موقف جيد مع مرور الوقت. حتى أن تيم كوك برر تقليل الأداء بأنه حيلة ذكية للحفاظ على أداء بطارية وهاتف ثابتين لأطول مدة ممكنة من الوقت.


الجولة الثالثة: علاقات أبل الاجتماعية

في الآونة الأخيرة شاهدنا نشاطا تصاعديا في وسائط الإعلام المختلفة تتحدث عن علاقة أبل بالبيئة. وذلك، لأنها الشركة الأعلى قيمة في العالم، ويجب عليها أن تساهم بشكل أو بآخر في القضايا البيئية. في عهد ستيف جوبز، لم نسمع عن أعمال خيرية بارزة قام بها، أو مواضيع تتعلق بالبيئة، أو حتى حقوق الإنسان.

أما في عهد تيم كوك، فقد خاض في كثير من المواضيع التي تتعلق بالخصوصية، الحديث عن تقييد الهجرة لسبعة بلدان ذات أغلبية مسلمة. كما أنه عمل على جعل أبل تعتمد على الطاقة الشمسية بنسبة 100% للحفاظ على البيئة، كذلك اهتمت أبل في عهد كوك بذوي الإعاقة.

باختصار كوك يعمل تحت شعار ” جعل كوكب الأرض مكانا أفضل” وهذا شيء رائع جدا.


الجولة الرابعة: إعلانات أبل

تقدم أبل بقيادة كوك إعلانات دورية رائعة. وكذلك قام بحملات تسويقية ذكية. وكان مبدأ ” فكر بشكل مختلف” واضح جداً حتى في إعلانات أبل لأي من منتجاتها قديما وحديثا. فما زالت حملة “أحصل على ماك” أو ‘Get a Mac” يتذكرها الكثيرون، حتى بعد مرور عقد من الزمن عليها. وحملة “آي-بود، وآي-تيونز” التي قدمت فيها أبل ظلاً راقصاً على أنغام الموسيقى وخلفية بسيطة جدا. وحملة “Apple switch” أو” تحول إلى آبل” الضخمة. لا تزال حملات أبل الإعلانية مميزة وتنتج تسويقاً مصقولا للغاية.

بالنظر للإعلانات يمكننا القول أن إعلانات جوبز كانت الأكثر حضوراً وشعبية وأيضاً جدلاً. أما إعلانات تيم فركزت على الاحترافية وبالتالي لم يعلق أيها في الأذهان.


الجولة الخامسة: عقبات التصنيع وتكلفته

كادت أبل أن تفلس قبل عودة ستيف جوبز مرة أخرى إليها. ولكن الأمور لم تكن جيدة حتى بعد عودة جوبز بالرغم من عبقريته، فقد كانت الشركة تعاني من فوضى مالية، وتكاليف خارجة عن السيطرة ومن ذلك أسباب تعود إلى التصنيع. وبدا كل شيء عن نموذج أعمال الشركة خاطئاً إلى أن جاء كوك، في منصب مدي العمليات ووقتها اقترح على جوبز إغلاق المصانع الخاصة بأبل وتعاقد مع أفضل الشركات المصنعة لمكونات الأجهزة، واكتفى بهامش ربح منها، مما كان له تأثير إيجابي على التطور الكبير الذي نراه اليوم.

أما في عصر تيم كوك فتقريباً المشاكل تتلخص في هذا الأمر في كون الطلب أكبر من قدرة المصانع وهى مشكلة بالفعل لكن يتمناها كل أصحاب الشركات.


الجولة السادسة: منتجات جديدة

تواصل أبل تقديم منتجات جديدة في ظل قيادة تيم كوك حيث قام بتغيير كبير في شكل الآي-فون ومكوناته بداية من X. وكذلك الخطوات الجريئة التي تم اتخاذها مثل إزالة الأزرار. وسرعان ما أصبحت ساعة أبل، أول خط رئيسي جديد تم اختراعه تحت قيادة كوك، بل أصبحت أكثر الساعات شعبية في العالم. كذلك تم تقديم AirPods، وقلم رصاص آبل، و HomePod . وغير ذلك من المنتجات.

أما في فترة جوبز، على مدار 15 عاما، تم تقديم iMac G3 في عام 1998 وبعد ذلك iMac G4، وكذلك تم تقديم iBook، MacBook Air. كذلك iPod ومتجر iTunes والآي-فون ومتجر البرامج وأخيرا الآي-باد.

تحت قيادة كوك، تحتفظ شركة أبل بالتحكم في جودة منتجاتها، وتطلق بعض الأجهزة الرائعة بين الحين والآخر.


الجولة السابعة: منتجات فاشلة

في هذه الجولة يمكنك مراجعة أكثر من مقال على موقع آي-فون اسلام من هنا أو من هنا أو من هنا لكن عصر تيم كوك لم يشهد دخول أبل أي مجال أو منتج وقررت الشركة بعدها التوقف عنه.


الجولة الثامنة: منافسو أبل

من الذي واجه منافسة أقوى؟ عندما عاد ستيف جوبز إلى أبل في عام 1996، كانت مايكروسوفت في قمة أدائها. وبدأت جوجل في الارتفاع أيضاً في مطلع عام 2000. واليوم تواجه الشركة تحديات أكبر، وعلى رأس تلك التحديات شركة سامسونج خاصة في مجال الهواتف الذكية.


الخلاصة

يصعب الفصل والتمييز بين جوبز وكوك، فكان على عاتق كل منهما مهمة صعبة وتحديات خطيرة احتاجت إلى قيادة حكيمة. وضع جوبز النموذج الأولي الذي دفع شركة أبل إلى هذا التطور الملموس تحت قيادة كوك. ويعد جوبز  أيضاً، قائداً مثالياً لشركة أبل عندما كانت تكافح من أجل العودة إلى القمة في التسعينات، وكانت نتيجة هذا الكفاح والقلق والارهاق السبب في جعلها عملاق التكنولوجيا في هذا القرن. ويعد كوك أفضل في وقت السلم، وبالتالي شركته الآن أكثر استقرار.

ستيف جوبز: عبقري اعتمد على ابتكار منتجات؛ الابتكار يؤدي إلى الوصول لأمور مبهرة لكن أحياناً يؤدي إلى منتجات فاشلة. أيضاً اعتمد أسلوبه على الإطاحة بالمعارضة وعدم الاهتمام بأي أمور ثانوية كحقوق العمال والبيئة وغيرها. قاعدته هى سأقدم لك أمر مميز وإن فشل فهذا لأنك لم تفهمه وليس لأنه غير مميز.

تيم كوك: استخدم أسلوب ناجح وهو اللعب على المنتجات المطلوبة وتقديم المنتج الذي يريده الناس وتقليل الصدمات والأمور الغريبة وتجنب الفشل؛ وأيضاً اهتم بالعمال والموظفين وأعاد منظومة التبرعات التي أوقفها جوبز بحجة اهدار أموال أبل. قاعده هى احصل على أفضل أرباح بأقل مشاكل.

ما رأيك في رئيسي أبل تيم كوك وستيف جوبز؟ وبعيداً عن المشاعر التي تحسم المنافسه غالباً أيهما تراه أكثر نجاحاً في قيادة أبل؟ أخبرنا في التعليقات.

المصادر:

 | igeeksblogcultofmac | forbes

مقالات ذات صلة