آبل أكثر من رائعة في أشياء كثيرة، لاسيما التسويق. وبينما تُظهر إعلاناتها وعروضها الترويجية ومؤتمراتها عن أحدث أجهزتها وميزاتها الجديدة، إلا أن هناك مجموعة من الحيل التسويقية التي تعتمد عليها الشركة لتجعلنا ننفق الكثير من الأموال من أجل شراء أجهزتها الغالية، إحدى هذه الحيل تُعرف بإسم تأثير ديكوي أو تأثير الشرك (يُطلق عليها أيضا تأثير الطُعم أو التأثير الخادع أو التمويه)، لنتعرف خلال السطور التالية على تلك الإستراتيجية، وكيف تستخدمها آبل لبيع منتجاتها الأغلى ثمنا بكل سهولة.
ما هو تأثير ديكوي؟
تأثير ديكوي أو الشرك عبارة عن خدعة تسويقية شائعة جدًا تستخدمها الشركات لبيع منتجات أكثر تكلفة عوضا عن المنتجات الأخرى الأرخص. ومن خلال هذه الإستراتيجية، يتلاعب البائع بتفضيلات الشراء الخاصة بك عن طريق إضافة “شرك أو طُعم” إلى مجموعة المنتجات التي يتم تسعيرها بحيث تبدو النسخة الأكثر تكلفة وكأنها صفقة أفضل بالنسبة لك. على سبيل المثال، لنفترض أنك تحاول شراء سيارة جديدة، حينها سيعرض عليك البائع خيارين: السيارة الأولى تأتي بميزات قليلة وبسعر $10000 والسيارة الثانية بميزات أكثر وسعر أعلى $20000، حينها سوف تشعر بأن السيارة الثانية سعرها غالي جدا عليك، وهنا يأتي دور تأثير ديكوي، حيث يعرض عليك البائع سيارة ثالثة بميزات أعلى قليلا من السيارة الأولى، ولكن ليس بنفس الميزات الموجودة في السيارة الثانية وبسعر $18000، في هذه الحالة، سوف يكون سعر السيارة الثانية أكثر منطقية بالنسبة لك، لأنك لن تقارنها بالسيارة الأولى، بل سوف تقارنها بالسيارة الثالثة؛ وهكذا سوف تقرر على الفور شراء السيارة الأغلى ثمنا. بهذه الطريقة، يتم تحويل المشاعر السلبية المرتبطة سابقًا بالسيارة الثانية الأغلى ثمنا إلى السيارة الثالثة، والتي تعتبر الشرك أو الطُعم الذي قدمه لك البائع حتى تقوم بتغيير قرارك وشراء المنتج الذي لم تكن بحاجة لشرائه أو حتى تُفكر فيه.
لماذا نشتري منتجات آبل باهظة الثمن؟
الآن بعد أن فهمت ماهية تأثير ديكوي، دعنا نرى كيف تستخدمه آبل لبيع أجهزة الآي-فون. تبلغ تكلفة سلسلة آي-فون 14 الحالية 799 دولارًا و 899 دولارًا و 999 دولارًا و 1099 دولارًا على التوالي لجميع الطرز. يبدو هذا السعر منطقيا للوهلة الأولى، لكن كل طراز من الموجود في السلسلة يدفعك لشراء النسخة الأعلى آي-فون 14 برو ماكس.
هل تتساءل كيف يحدث ذلك، إليك تأثير ديكوي أو الطُعم، يحتوي آي-فون 14 القياسي الذي يبدأ بسعر 799 دولارًا على شاشة 6.1 بوصة وبطارية 3279 مللي أمبيراً وهي صغيرة نوعًا عند مقارنتها بالهواتف الموجودة حاليا. لذلك قررت اختيار آي-فون 14 بلس بسعر 899 دولارًا بدلاً من ذلك لشاشته الأكبر بحجم 6.7 بوصة وبطاريته التي يصل سعتها إلى 4323 مللي أمبير.
ومع ذلك، لاحظت أنه من خلال إنفاق 100 دولار فقط، يمكنك الحصول على آي-فون 14 برو بسعر 999 دولارًا والذي يحتوي على كاميرا تليفوتوغرافية والجزيرة الديناميكية، ولكن هذا على حساب العودة إلى الشاشة 6.1 بوصة والبطارية الأصغر التي يبلغ سعتها 3200 مللي أمبير.
ويستمر تأثير ديكوي أو الطُعم عندما تُقرر اختيار آي-فون 14 برو ماكس الذي يبلغ سعره 1099 دولارا، ويمتلك شاشة أكبر وبطارية أعلى، بالرغم من أنك كنت تنوي إنفاق 799 دولارا في البداية فقط، إلا أنك تُفكر الآن في دفع 300 دولار إضافية لشراء الجهاز الأغلى ثمنا في السلسلة. الأمر يحدث ليس فقط عند شراء أجهزة الآي-فون، بل يظهر أيضا عند شراء أجهزة آبل الأخرى مثل الآي-باد أو الماك بوك أو أي منتج آخر للشركة.
آبل ليست الوحيدة
قد تعتقد أن آبل هي الوحيدة التي تعتمد على تأثير ديكوي أو تأثير الشرك لبيع منتجاتها الأغلى سعرا ولكن العديد من الشركات تلجأ إلى تلك الحيلة حتى منافسها اللدود سامسونج هو الآخر يستخدم تلك الإستراتيجية مع مستخدميه، مثال على ذلك، في عام 2020، حاولت سامسونج تحفيز المستخدمين على شراء جهازها جالاكسي نوت 20 ألترا الذي يبلغ سعره 1299 دولارا عبر تقديم الطُعم وهو جالاكسي نوت 20 البالغ قيمته 999 دولارا، والذي كان له جسم بلاستيكي وشاشة أضعف من الهاتف الأول، ومع أن الأخير يبدو الأنسب للشراء، إلا أن تأثير ديكوي دفع المستخدمين لإنفاق 300 دولار إضافية للحصول على الأفضل، وهكذا كان الخيار المنطقي بالنسبة لهم هو الهاتف الأغلى.
هل الأفضل شراء الهواتف الأغلى؟
الإجابة تعتمد على ما تريده، ولكن دفع المزيد مقابل وجود ميزات أكثر ليس شيئا منطقيًا بالنسبة للعديد من المستخدمين. بالعودة إلى آي-فون 14، فإن الكاميرا المقربة والجزيرة الديناميكية الموجودة في الطرز الأعلى ليست ميزات أساسية لا يمكن العيش بدونها، لأنك ستكون قادراً على التقاط الصور التي تريدها بكل سهولة من خلال كاميرا الآي-فون الرئيسية، لذا الكاميرا التيلفوتو أو المقربة ليست بتلك الأهمية، أما الجزيرة الديناميكية ليست ضرورية هي الأخرى؛ لأنها في الأساس بديل رائع لقائمة الإشعارات، ولا تغير تجربة المستخدم الخاصة بك بشكل مفرط.
أخيرا، تستخدم آبل والشركات الأخرى جميع أنواع الحيل والاستراتيجيات التسويقية المختلفة، حتى تُجبرك على إنفاق الكثير من أموالك على منتجاتها، لذا تذكر دائمًا أن تدفع فقط مقابل ما تحتاجه بالفعل وليس ما تفعله الشركة لكي تعتقد أنك بحاجة إليه.
المصدر: