لأكثر من عقدين من الزمن، كانت العديد من الخبراء يصفون أبل بأنها محكوم عليها بالفشل لأنها كانت تعتمد بشكل كبير على منتجها الأشهر سواء ماك سابقاً أو الآي-فون لاحقاً وأن العالم سوف يمضي يوما ما ولن يكون طفلها المدلل مرغوباً به فيما بعد وهذا سيتسبب في انهيارها واندثارها على غرار شركات تكنولوجيا أخرى مثل ياهو ونوكيا أو حتى تفقد الصدارة مثل IBM، ولكن تمر السنوات ولا يتحقق هذا مما يجعلنا نتسائل؛ هل أصبحت أبل شركة أبل ضد الكسر.

هل تحولت أبل إلى شركة ضد الكسر؟


أبل قد تنهار

بدت هذه النبوءة الرهيبة وكأنها قد تتحقق في نهاية العقد الماضي عندما قامت أبل بمراجعة التوجيه المالي بسبب انخفاض مبيعات أجهزة الآي-فون في الصين وشهدت الشركة أول انخفاض في الإيرادات خلال 13 عاما وتحديدا في أبريل 2016 ثم استمرار انخفاض مبيعات الآي-فون في الربع الثاني من عام 2019.

أيضا كانت الأزمات المتتالية لعام 2020 (عام الكورونا) مع إغلاق متاجر البيع بالتجزئة وإغلاق مقرات الشركة وتعطل العديد من سلاسل التوريد. وتوقع الكثيرون أن هذا هو الاختبار الحقيقي لخليفة ستيف جوبز “تيم كوك” إلا أنه لم ينجو بالشركة فحسب، بل استطاع تحطيم الأرقام القياسية مرة أخرى وأصبحت مبيعات أجهزة الماك أقوى من أي وقت مضى وقد سجلت أرقاماً قياسية في الأرباع الأربعة الماضية.

وبعد ركود دام ما يقرب من عقد من الزمان، أصبحت مبيعات الآي-باد أعلى مما كانت عليه في أي وقت مضى بصرف النظر عن ذروتها في عام 2012. لا تزال عائلة الآي-فون 12 تحقق نجاحاً ساحقاً بالقرب من نهاية دورة إنتاجه كما تواصل كل من الخدمات والأجهزة القابلة للارتداء النمو بشكل قوي.


عبقرية تيم كوك

Steve Jobs

قام تيم كوك بتحويل أبل إلى شركة ضد الكسر بالفعل وأنها قادرة على التحسن في ظل أعتى الشدائد، ولكن كيف تمكن من ذلك، للإجابة على السؤال سوف نتعمق قليلا في الفلسفة وتحديدا مع كتاب البجعة السوداء للكاتب الأمريكي من أصل لبناني نسيم نيقولا والذي أشار إلى أن الأشياء السيئة تحدث بشكل غير متوقع ويقترح أن المجتمع يحتاج إلى بناء أنظمة يمكنها البقاء أو تزداد قوة بعد انتكاسات غير متوقعة.

وقسم نسيم الأنظمة لثلاث فئات وهم :

  • هشة : عرضة للكسر تحت الضغوطات
  • قوية : مرنة في التعامل مع الضغوطات
  • ضد الكسر : تتحسن تحت الضغوطات

لنحاول تحديد الفئة التي تنتمي إليها أبل وهذا يعيدنا لحقبة ستيف جوبز وقبل فترة من وفاته اختار تيم كوك ليكون خليفته في قيادة أبل ومع أنه ليس عبقريا عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا والتصميم والابتكار لكنه كان مذهلا عندما يتعلق الأمر بالعمليات اللوجستية وسلاسل الإمدادات.

لنأخذ مثالا بسيطا، هل حاولت شراء PlayStation 5 أو Xbox Series X، لا يزال من الصعب الحصول على أحدهما لأن سوني أو مايكروسوفت لايستطيعان إنتاج ما يكفي الرقائق والمكونات التي يحتاجونها لتصنيع البلاي ستيشن أو الإكس بوكس، الشيء نفسه ينطبق على صناعة السيارات. كان على صانعي السيارات الاختيار بين إنتاج سيارات ذات ميزات أقل أو عدم صنعها على الإطلاق، ولكن مع أبل الوضع كان مختلفاً تماماً، يمكنك الدخول إلى متجر الشركة في الوقت الحالي وشراء أحدث جهاز آي-فون أو ماك يعمل بشريحة M1. وبالطبع لا يعني هذا أن أبل لم تتأثر بالأزمة لكنها تمكنت من جعل التأثير محدود.

ولعل ذلك يرجع لحكمة وعبقرية تيم كوك حيث تُنفق أبل المليارات مُقدما لتأمين الأجزاء التي تحتاجها وهو بالضبط ما لم تفعله الشركات الأخرى ولم تخطط له حتى. ذكرت شركة أبل أنها تخطط لإنفاق أكثر من 38 مليار دولار في التزامات شراء التصنيع هذا الربع بزيادة 26٪ عن الربع الماضي. وقال المحلل بن باجارين إن ذلك يرجع إلى أن شركة أبل تحجز ما تحتاجه من الرقائق.


 أبل ضد الكسر

خطوة أخرى جريئة وحكيمة تمثلت في قرار أبل بالتخلي عن إنتل لصالح معالجاتها القائمة على ARM. مع التحول إلى M1، لم تعد أبل تحت رحمة إنتل ولا يتعين عليها التنافس مع الشركات المصنعة لأجهزة الكمبيوتر الشخصية الأخرى حول وحدات المعالجة المركزية لأن أبل يمكنها أن تأخذ تصميماتها مباشرة إلى شركات مثل TSMC وتصنيع الكميات التي تريدها ومن المفيد أن شريحة M1 أثبتت بالفعل تفوقها على معالجات إنتل من جميع النواحي تقريبا، مما أدى إلى زيادة مبيعات أجهزة الماك بشكل قياسي.

بالإضافة لذلك، أبل تهيمن على سلسلة التوريد الخاصة بها، ولهذا تستطيع رسم مصيرها لكن السلاح السري الذي كانت تحتفظ به أبل لمثل تلك الأزمات والتي سخروا منه هو السيولة النقدية التي تمتلكها (حوالي 200 مليار دولار) ولهذا عندما تحتاج إلى 38 مليار دولار لتأمين خطوط منتجاتها، يكون لديها المال جاهزة للدفع الفوري.


منتجات متنوعة

تمتلك أبل مجموعة متنوعة من المنتجات القوية مدعومة بخيارات التوزيع المادية وعبر الإنترنت التي تحافظ على توازن الإيرادات حتى في أصعب الأوقات. كان بائع التجزئة Dollar General قد دمره إغلاق المتاجر عند تفشي كورونا، ولكن بالنسبة لأبل، كانت الأزمة مجرد مصدر إزعاج استطاعت تخفيف حدته من خلال متاجرها أونلاين، أيضا خدمة مثل نتفليكس الجميع يعرفها تعيش أو تموت من خلال أرقام المشتركين بها، ولكن بالنسبة لاشتراكات Apple TV + حتى لو تقلصت فلا يقلق أبل الوضع لأن هناك خدمات أخرى تعوض ذلك مثل خدمة الموسيقى وبطاقة الائتمان والضمانات وحتى خدمة اللياقة البدنية، حتى الآي-فون الذي يعتبر الركيزة الأساسية لنمو أبل، لم يعد طفلها المدلل الذي بإنخفاض مبيعاته قد يتم تدمير الشركة، لأن هناك منتجات أخرى ومنها الخدمات والأجهزة القابلة للارتداء التي تجلب لأبل مليارات الدولارات سنويا.


وجهة نظر

ربما تتمتع أبل بالقوة وأنها ضد الكسر وتنمو مع الضغوطات والأزمات ولكن من وجهة نظرى هناك بعض الأشياء التي يمكنها تهديدها بشكل قوي مثل قوانين المشرعين التي يرغبون في فرضها على متجر البرامج، ولا ننسى النقطة الأهم وهي خليفة تيم كوك حيث يبلغ حاليا 60 عاما وربما يتنحي خلال 5 إلى عشر سنوات وهذا يجعلنا لا نعرف مصير أبل خلال الفترة القادمة.

هل تعتقد أن تيم كوك كان الشخص المناسب لقيادة أبل، أخبرنا في التعليقات

المصدر:

tidbits

مقالات ذات صلة