لا زال الاعلام العربي التقليدي ممثلا في الصحف والتلفزيون وغيرها من الوسائل القديمة المألوفة تتخبط يمينا وشمالا أمام تألق الاعلام الجديد وسرعة بثه للخبر وتحليله الدقيق للمعلومة وقربه من مصادر الاخبار وصناعتها بشكل اكبر من هذه الأولى التي باتت مضللا كبيرا للجمهور باعتمادها على محررين غير اكفاء او بتشبعها بنظرية المؤامرة حتى الثمالة فيما يتعلق بهذا العالم من حولنا لنرى اخبارا وتقارير مغلوطة ولا تساهم بنهضة دولنا وشعوبنا بأي شكل من الأشكال.

لن نتحدث في مجالات بعيدة عنا بل سنتحدث في التقنية وبالآي فون، حيث تخصصنا، بالتحديد، حيث انه ومنذ شهر تقريبا عرضت قناة الجزيرة عبر برنامجها العلمي الاسبوعي: "عن كثب" تقريرا عن الآي فون بعنوان "تجسسه على مستخدميه" ومنذ سنوات! حيث لم يخرج هذا التقارير المغلوط تماما بأي وظيفة للآي فون الا انه يتجسس على مستخدميه ويصورهم مرئيا ومنذ سنوات.

يمكنكم مشاهدة التقرير المغلوط في الفيديو هنا، والذي يمثل سقطة اخرى جديدة لهذه القناة الكبيرة في المجال التقني العلمي وهي لم تكن الاولى، اذا عرضت نفس القناة وفي موقعها الالكتروني الجزيرة نت تقريرا عن سلبيات الآي فون مليء كذلك بالاخطاء والمعلومات المزورة منذ اشهر وغير منسوب لمصدره الاصلي! وقبل ذلك لم تحسن الجزيرة عرض خلاصة اكتشاف انسان "أردي" القديم وعلاقة ذلك بنظرية التطور ووقعت في اخطاء علمية كبيرة عبر تقرير تلفزيوني مشابه.

دعنا ( سواء شاهدت هذا التقرير ام لم تشاهده) ان نخلص ما جاء من معلومات مغلوطة عن الآي فون في هذا التقرير:

  • الآي فون جهاز يقوم بالتجسس على مستخدميه عن طريق تصويرهم وذلك منذ سنوات طويييييييلة!! (الآي فون صدر منذ ثلاث سنوات فقط).
  • آبل اضطرت للكشف عن هذا تحت ضغط حماة الخصوصية
  • تعكف آبل الآن على تقنيات لمراقبة المستخدمين!
  • تزويد الدول الأخرى بمعلومات عملاء آبل ومستخدمي الآي فون!
  • استخدام الاسماء والارقام والمعلومات الشخصية وارقام بطاقات الائتمان من قبل آبل وتصرفها فيها!
  • اذا لم يوافق المستخدم على شروط الاستخدام فلن يستطيع استخدام الآي فون!
  • آبل تعرف بالضبط مكان الجهاز ومستخدمه!

اما الرد على تلك النقاط السابقة وتوضيحها فتستطيع عزيزي مالك الآي فون معرفته بسهولة من خلال الآتي:

  1. لهجة التحامل على آبل والآي فون واستخدام كلمات مثل "عنوان بريء", "مخاطر هذه الجاسوسية العصرية" وغيره لا يعد من ابجديات المهنة الاعلامية التي تلتزم الموضوعية في كل ماتطرحه لا استخدام نظرية المؤامرة في الشاردة والواردة!
  2. تذكرون اننا منذ اقل من شهرين كنا قد تحدثنا عن براءة الاختراع هذه التي حاول التقرير شرحها باخطائه الفظيعة، وذلك في هذا المقال وشرحنا ملخصها ووظائفها وتسائلنا بالفعل عن خصوصية المستخدم المهمة جدا وانه لا يمكن التفريط بها حتى من اجل الآي فون، وشددنا على ذلك.
  3. التقرير تعامل مع هذه "التقنية" الجديدة النظرية كانها امر مطبق في الآي فون (ومنذ سنوات!) وهي لا تعدو عن كونها براءة اختراع نظرية لم يتم تطبيقها بعد حتى يمكن رؤية نتائجها التي ابدعتها قناة الجزيرة من خيالها المؤامراتي الخصب! وقد كان يجب الا يقع مثل هذا الخلط وان يوضح الامر ويبين الفرق بين الواقع وبراءة الاختراع تلك.
  4. آبل وغيرها من الشركات رأس مالها هم الجمهور، وقضية الخصوصية والسرية هي امر حساس جدا لدى الغرب وشعوبه حيث الشفافية والجمعيات المراقبة والسلطات القضائية المستقلة التي تحافظ على هذه الخصوصية وبالتالي فان اي خطأ او تجاوز هنا قد يفقد هذه الشركة كل رأس المال هذا وبالتالي انتهائها فعليا  وهي لن تخاطر في امر كهذا ولا يهمها سوى تقديم منتجات متميزة تضمن لها ربح وعمل دائم ولا تهمها معلومات المستخدم الا فيما يحسن من جودة منتجاتها، المنطق يفرض هذا بقوة.
  5. وبالتالي فان الهدف من هذه التقنية ان طبقت ليست مراقبة مالك الآي فون والتجسس عليه كما يدعي التقرير، بل اخد معلومات عن سارق الآي فون ومستخدمه غير المخول من اجل تعطيل الآي فون واسترجاعه.
  6. فنيا لم يكن التقرير احترافي، حيث لم يستخدم صورا مناسبة مع الكلمات او استخدم صورا مبالغ فيها ولا تنتمي بشكل صحيح الى المعلومات المستعملة هي الأخرى بشكل خاطئ، كما انه استخدم مصطلحات وترجمات غير مألوفة في المجتمع التقني العربي.
  7. عدم الفهم التام لطريقة عمل متجر البرامج وطريقة الشراء منه ويبدو ان معد التقرير لم يمسك آي فون في حياته ويستخدمه ليدرك ذلك فعملية تخزين ارقام البطاقات الائتمانية هي لتسهيل الشراء مرة اخرى وللمطابقة وليس للاطلاع عليها او استخدامها، ويمكنك ببساطة الا تستخدم بطاقة ائتمان اصلا في المتجر وتعتمد على بطاقات الآي تيونز فقط او على البرامج المجانية وتلك المهداة اليك!!
  8. اذا لم توافق على شروط الاستخدام فانك لن تشتري آي فون اصلا او لن تستطيع الشراء من متجر البرامج وليس معناه انك تشتري آي فون ثم يكون عديم النفع غير قابل للاستخدام!!
  9. الحديث بطريقة غريبة عن خدمة تحديد الاماكن يدل على عدم فهمها ايضا، فهذا امر خياري للمستخدم يستطيع ابطاله وهو لا يستخدم للتجسس ولا هم يحزنون بل للمساعدة في الكثير من التطبيقات وتقديم الخدمات الاخرى المفيدة للمستخدم، وآبل لاتعرف بها اماكن المستخدمين بل تستخدم عشوائيا في خدمات مثل الاعلانات وتحسينها دون معرفة حقيقة لشفرتها.
  10. الكثير من الميزات والمعلومات التي تم ذكرها في هذا التقرير الخائب (والتي شرحت بشكل خاطئ ايضا) هي اشياء مشتركة بين جميع الهواتف الذكية لكن التقرير اقتصر على الآي فون فقط و "مخاطره" على المستخدم مما يدل على عدم فهم معديه لسوق الهواتف الذكية وانتشارها وتطورها ووضعها الراهن.
  11. اما الحديث عن اعطاء هذه المعلومات لدول وجهات اخرى فهو اسطوانة مشروخة لا تستطيع تلك الشركات المغامرة والمقامرة به وهو امتداد لنظرية المؤامرة المزعومة التي لم تجلب لنا اي خير او تقدم حتى الآن.
  12. لا ندري لمصلحة من يتم التشويش على مستخدمي الآي فون واثارة الذعر بينهم (وهم يعدون بمئات الالوف عربيا) بهذه الطريقة ونتمنى الا تكون مقصودة وان تبقى مجرد اخطاء مهنية وقصور معلوماتي رغم الامتلاء بنظرية المؤامرة!

نود ان نقول  لأعزائنا من زوار الموقع ومستخدمي الآي فون بجميع أجيالها التالي:

  1. الآي فون جهاز آمن تماما بالنسبة للمستخدم وهو لا يستخدم اي معلومات شخصية او كلمات مرور او ارقام حسابات ائتمانية تخصهم، بل حتى مايجمعه مثل الموقع الجغرافي وغيره يتم اشعارك واخذ إذنك بذلك ويمكنك ابطاله من الاعدادات وبالتالي لن يتم استخدام هذه المعلومات (وهي بالمناسبة تحذف بعد بقائها لأشهر مؤقتة ولا يتم الاحتفاظ بها)
  2.  من يقول بأن الآي فون يصور مستخدميه فهو غبي (حتى لو كانت قناة الجزيرة) ونؤكد أن الآي فون لا يقوم بهذا، وكاميرته آمنة ولا تقوم بأي تصوير لك من غير قيامك بذلك بنفسك، لذا لا داعي للبعض بان يضع عليه لصقة مانعة :)
  3. هذه مجرد براءة اختراع قامت آبل بتسجيلها وليست شيء عملي اي انها مجرد فكرة نظرية قد تطبق وقد لا تطبق، وحتى لو طبقت فلن تطبق حرفيا كما عرض في الفيديو حيث ان هذه البراءات يتم تسجيلها بغض النظر عن صلاحية التطبيق العملي للفكرة.
  4. ان آبل كما تعرفون شركة رأس مالها هو الجمهور والمستخدمين والافراد وليست متوجهة بقوة كما شركات اخرى الى المؤسسات والقطاعات الحكومية مثلا لذا لن تخاطر بفقدان ثقة رأس المال هذا.

اما قناة الجزيرة ومن شابهها في طريقة العرض هذه فاننا ننصحها بالتالي:

  1.  التخلص من نظرية المؤامرة التي تغرق بعض برامجها وتقاريرها (برنامج "في العمق" لعلي الظفيري ارتكب ذات السقطة عندما حول الشبكات الاجتماعية وجوجل والفيس بوك الى متأمرين واعداء للأمة العربية والاسلامية في احد حلقاته!).
  2. عدم الاستعانة بمحررين غير تقنيين لا يملكون سوى مجرد ثقافة سطحية عن العلوم والتقنية وجديدها.
  3. الاستعانة بالمدونين التقنيين المحترفين والذي يثبتون يوما بعد يوم انهم الافضل، بل ان بعض المدونين الهواة كانت توقعاتهم مثلا لارباح ابل في الربع المالي الرابع لهذا العام والذي اعلن منذ ايام متفوقة في مجملها على توقعات المحللين الماليين المختصين، وكانوا اكثر دقة ومعلومات منهم. لذا اعطوا الخبز لخبازه، وبامكاننا في آي فون اسلام ان نخدمكم بمعلومات ادق غير مشوهة ولا مزورة :)
  4. الحذر في المرة القادمة من نشر معلومات خاطئة كهذه والاعتذار عن هذه الحلقة وتوضيح الاخطاء فالاعلام الجديد والانترنت والمدونون عين ساهرة على مدار الساعة ولن ترحم اي اغلاط مقصودة او غير مقصودة مثل هذه وستسارع الى كشفها عاجلا ام آجلا.

الجزيرة تعرضت مؤخرا لتشويش تقول انه متعمد على قناتها الرياضية اثناء كأس العالم، وطالبت بالتحقيق والاعتذار والتعويض، لكنها مارست مؤخرا التشويش ضد جمهورها ومتابعيها في مايتعلق بالآي فون من خلال هذا البرنامج وهذا التقرير لذا يحق لنا ان نطالبها بالتوضيح والاعتذار بما يظهر المعلومات الحقيقية للآي فون ويقدمه بصورة موضوعية. وهذا ليس كثيرا عليها.

معلومة: العنوان "أباطيل وأسمار" مقتبس من عنوان لكتاب للعلامة محمود شاكر رحمه الله

هذا المقال تم كتابته بناء على رسائل كثيرة ارسلت لنا وطلبت توضيح لتقرير الجزيرة الذي سبب لهم ذعر وجعلهم يشعرون انهم مراقبون وان خصوصيتهم في خطر، نحن لا ندافع عن آبل ولسنا حماة لها ولكننا نقوم بدورنا تجاه مستخدمين آبل الناطقين بالعربية ولا نكن آي عاطفة لشركة آبل وما يربطنا بها هو منتجاتها الجيدة التي تنفعنا في حياتنا

مقالات ذات صلة