قبل أيام أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً ضد جوجل بتغريمها 1.7 مليار دولار بتهمة الاحتكار. وربما أصبح هذا الخبر تقليدي للغاية نسمعه كل عدة أشهر حتى أن أحد أصدقائي سخر منه قائلاً “أصبحت جوجل أحد مصادر الثروة الطبيعية للاتحاد الأوروبي” وقال آخر”لماذا أنشئ الاتحاد الأوروبي؟ الإجابة: لتغريم شركة جوجل”. وبلغت الغرامات التي صدرت ضد جوجل منذ 2017 فقط حوالي 9.4 مليار دولار وهو مبلغ ضخم حيث أنه مثلاُ يفوق أرباح جوجل في الربع السابق (أرباح وليس عائدات). لكن يبقى سؤال المتابعين لماذا يتم تغريم جوجل وليس أبل؟ أليست أبل شركة محتكرة أيضاً؟ ولماذا الاتحاد الأوروبي هو من يركز على الغرامات هذه؟
أبل في نظر عشرات وربما مئات الملايين من سكان الكوكب شركة طماعة تسعى لتحقيق أكبر هامش ربح وأعلى عائدات وأعلى أسعار وبناء على ذلك يرى البعض أن القانون لابد أن يعاقبها. بينما شركة جوجل فهى مثال التضحية فهى تقدم لنا أندرويد مجاني وخدمات بريد Gmail مجانية بالإضافة إلى اليوتيوب المجاني وخرائط رائعة نعتمد عليها يومياً مجاناً وكل شيء مجاني وللجميع سواء كنت تستخدم الأندرويد أو حتى أبل. بينما لا نجد النظير؛ فلا شيء مجاني في أبل وخدماتها حصرية لمستخدمي iOS و Mac. ثم نفاجئ بأن من يعاقبه القانون هو جوجل وليس أبل. فما السر؟
ما هو الاحتكار
قد يختلف تعريف الاحتكار باختلاف المنتج والتوصيف وبين القانون والتعريف في الإسلام لكن يمكننا القول أن هناك أمور مشتركة وهى أن جهة ما تسعى للقضاء على المنافسين بطرق غير مشروعة بغرض تحولهم إلى المزود الوحيد لها وبالتالي الحصول منفردين على كل العائدات وقد يرفعون الأسعار. ويعد هذا هو جوهر مفهوم الاحتكار ويختلف رؤية المطبق وتوصيفه للحالة التي تتم بأنه احتكار أم لا. فمثلاً إن كنت تبيع سلعة وقلت أنك تريد 5000 دولار مقابلها فهذا حقك وأنت بائع. لكن إن قلت سأبيعها مقابل 500 دولار فقط لكن بشرط ألا تشتري من أي جهة سواى. ويكون سعر الـ 500 هذا زهيد للغاية عن السعر المتعارف عليه للسلعة فهذا يعني أنك “تخسر” لكن بغرض نهائي وهو القضاء على المنافسين ثم لاحقاً ترفع الأسعار لتعوض ما خسرته. فهنا عقدك هذا يعتبر بيع احتكاري بالرغم من أنك تبيع بسعر أقل والمشتري مستفيد نظرياً.
أبل وجوجل من ينطبق عليه الاحتكار؟
أبل: شركة لا تبيع سوق منتجات في الغالب سواء آي-فون أو باقي عائلة iOS وأجهزة ماك وتلفاز وساعة وغيرها. وتقوم بوضع سعر مرتفع لأجهزتها مقابل الحصول عليها. هذه الأجهزة لها مزايا وعيوب لكن في النهاية هي منتج من تطوير أبل وتبيعه أبل مباشرة للعميل. لا وسيط بينهم تقريباً ولا يمكن الحصول على خدماتها إلا عبرها مباشرة.
جوجل: شركة تطور خدمات وتوفرها بنفسها وهنا تشبه أبل لكنها أيضاً توفرها عبر شركات أخرى وهنا تأتي المشكلة حيث تفرض جوجل على الشركات اتفاقيات احتكارية يمكن تلخيصها بمقولة “الاستخدام مقابل البيانات” ففي احد قضايا الأندرويد الاحتكارية تم توضيح بأن جوجل تفرض على الشركات استخدام عدد معين إجباراً من التطبيقات. واعترفت جوجل وقتها بهذا الأمر ووعدت بأنها سوف تزيل هذا الخطأ وهذا الإجبار الذي تمارسه على الشركات.
وبناء على ما سبق فإن أبل شركة تبيع منتجها هي للعميل. كل ما يوجد في هذا أبل هو من اختيارها هي والعميل مسبقاً موافق. لكن بالنسبة للأندرويد فالأمر مختلف؛ فشركة سامسونج مثلاً كباقي الشركات مجبرة على وضع متصفح كروم في أجهزتها. نعم قد تقول إذا لم يضعوا كروم فسوف نقوم بتحميله. هذا حقيقي وكان هذا دفاع جوجل الذي فشلت فيه؛ فالشركات مثلاً أحياناً أن المستخدم يجرب. فقط يجرب متصفحها أو خدماتها فربما تعجبه. لكن عندما توجد خدمات جوجل بشكل افتراضي فهنا لن يجربها وبالتالي تربح جوجل. وسوف نسعى قريباً لكتابة مقال تفصيلي كيف يؤثر الاحتكار على الأسواق.
لماذا الاتحاد الأوروبي هو منبع الأحكام؟
هذا السؤال معقد لكن يمكننا القول أن أوروبا مختلفة عن أمريكا في طريقة تعاملها مع الأسواق. فبالرغم من أن الأنظمة الديمقراطية هي تضع المواطن في المرتبة الأولى لأنه هو من يختار الحاكم لكن حتى في هذا الشأن تختلف الدول مع بعضها. فأمريكا تسعى لترك حرية أكبر للشركات للتنافس فيما بينها وترى أن المواطن لابد أن يقوم بنفسه بالبحث عن حقه والانتباه لما تفعله الشركات به وإن وجد مخالفه فيقوم بمقاضاة الشركات ليحصل على حقه. لكن أوروبا ترى الأمر بشكل مختلف قليلاً حيث ترى أن المواطن أحياناً لا يملك القدرة أو الوقت على متابعة كل ما يخصه لذا يقوم بانتخاب الحكومات وبالتالي يجب عليهم كـ دولة أن تبحث عن حق المواطن. لذا رأينا قانون GDPR الشهير للخصوصية والذي كان يهدف لتحجيم الشركات وحماية خصوصية المواطن. وكان هناك بند فيه يهدف لإيقاف التلاعب الذي تلجأ له الشركات فقال بأنه “نعم” لائحة الاستخدام توضح كل شيء تقوم به الشركة ببيانات المواطن لكن هذه الائحة تكتب بشكل مطول للغاية بحيث يصعب على المواطن قراءتها. لذا لابد أن تبسطها الشركات. وكذلك “نعم” الشركات تمنح المواطن إمكانية الحصول على بياناته لدى الشركة لكن بطريقة معقدة يصعب على المواطن البسيط القيام بها لذا يجب على الشركات أن تسهل للمواطن حق الوصول لبيانته وحذفها إن أراد. وأيضاً “نعم” الائحة تقول أن الشركات من حقها استخدام بياناتك وأنت وافقت لكن مصطلح “استخدام” عام ويجب أن يتم وضع توضيحات.
هذا هو الفارق بين أوروبا وأمريكا في التعامل مع نفس الأمور. أوروبا ترى نفسها أنها هي المسئولة عن البحث عن حق مواطنها وحمايته من الشركات. أما أمريكا فغالباً تترك المواطن للشركات وخاصة أن هذه الشركة تدفع مليارات الدولارات للتأثير السياسي القانوني او ما يعرف بالـ “لوبي” لمنع صدور قوانين لا تخدم مصالح الشركة. وهذا جدول لما تنفقه الشركات لإنشاء “لوبي” في أمريكا وهذا أمر قانوني للغاية لكن هل يمكن للمواطن الانفاق مثلهم!!!
هل أبل في حصانة مع الاحتكار؟
ربما يطرح البعض سؤال وهو هل يعني ما سبق أن أبل في حماية من الاحتكار؟ الإجابة هي لا بالطبع فمن تابع الأخبار يرى أن شركة “سبوتيفاي” حالياً تحاكم أبل بتهمة القيام بممارسات تجارية مخالفة وأيضاً جهاز حماية المستهلك المصري كان قد أدان أبل قبل عدة أشهر بالقيام بممارسات احتكارية بشأن بيع الآي فون في مصر مما يسبب ارتفاع سعره. أي أن أبل أيضاً تخضع لنفس القوانين ويمكن إدانتها أيضاً لكن بسبب كون أبل شركة تعتمد بشكل أساسي على المنتجات وليس شركة توفر خدمات للغير فبالتالي وقوعها في قضايا احتكار أمر قليل “وليس معدوم” بل غالباً ستكون القضايا ضدها هي انتهاك براءات اختراع لتقدم المنتجات أو قضايا تهرب ضريبي وكلاهما تم الحكم على أبل بالفعل بالإدانة.
السلام عليكم..
مبدعون، مقال لا غبار عليه….
مقال جيد ولكن أتمنى فعلاًان ارى مقالاً مفصلاً عن كيفية تأثير الإحتكار على سوق البيع كما ذكرتم سلفاً
]دئما بستمتع لم اشوف الموضوع مكتوب من بن سامي
طرح جميل ومتسلسل وشامل .. شكرا
من أروع المقالات
شكراً لكم
لانهم ببساطة خايفين من Google بسيطرتها على التكنولوجيا ، بعكس أبل التي تتجنب الغرامات بإعطاء حكومات الدول معلومات مواطنيها الخاصة ، لكن جوجل محاربة لأنها تحمي المستخدم ….
انت متاكد انك قريت المقال؟؟؟
انت لو قريت المقال كامل بحلق الشنب بزجاجة
اللي يشعر بالزهق والملل ما عليكم غير بالتطبيق مساعد الشخصي Google كما تدور اللغة العربية في هذا المساعد الشخصي وأنا جربت هذا التطبيق عنجد جميل جدا وأفضل من Siri وعنده معلومات بيانات لا تحصى ولا لها نهاية أي شيء في قلبك تسأله يجاوب عليك لما تحكي له غنيلي يصير يغني اغنية وكمان لما تحكي له إحكيلي نكتة يصير يحكي لك نكتة مضحكة جدا بعد رد المساعد وقراءة النكتة في معلق مع اصوات ناس تضحك حتى لما تحكي له كم تبعد الشمس والقمر عنا يحكي لك او تشغيل أغنية تحبها شو بدي إحكي لاحكي قد ما تسأله يجاوب عليك حتى المعادلات الرياضيات الصعبة يا أخوان أنا أنصحكم بهذا المساعد الشخصي شي رهيب وعجيب جدا
آسف أقصد تم صدور
مقال جميل وغني بالمعلومات الثقافية كما تعودنا منكم. شكراً لكم.
وماذا عن منطقتنا العربية من احتكار الشركات هل عملت شيء
جوجل شركه محتكره و تستحق ما يحدث معها لكن ابل شركه جشعه و يجب ان تعاقب ايضا فليس معني انها تبيع منتجاتها مباشره ان تبيع بالسعر الذي يحلو لها اين حق المستهلك من هذا !! اعجبني موقف الاتحاد الاوروبي فالحكومات هي فعلا المسؤله عن حق الشعوب و واجب عليها ان تمنع مثل هذه الامور للحفاظ علي حقوق المواطن
مفروض من أسس التجارة أن الشركة تبيع بالسعر اللي هى عاوزاها طالما المشتري مش مجبر.. يعني متقدرش تقول لأبل غيري السعر إلا لو بسبب ما إنتا مجبر تشتري جهازهم… عشان كده انظمة حماية المستهلك مش هتعرف تعمل شيء مع أبل لإنها بتستغل الثغرة صح
كنت اتمني ان يكون هناك سقف لهذه الاسعار و الا تكون مفتوحه للجميع حتي يكون المواطن في مأمن من الجشع
مقال مفيد جدآ وبه معلومات مهمة ، طريقة السرد ممتازة بالتوفيق لكم دائمآ .
أنا أرى في الحقيقة أن أبل تمارس الاحتكار أكثر من جوجل فهذه الأخيرة تمارس احتكارها مع الشركات أم هذه التفاحة تمارس احتكارها مع الجميع.
فمثلا عندما تريد أن تستخدم برنامج أو تطبيقا من تطبيقات أبل يجب عليك شراء هاتفها أو حاسوبها، وإذا اشتريت شاحن لهاتفك يجب أن يكون تابعا لها أو أصليا، وأما تطبيقات الاشتراك كسبوتيفاي يجب على المستخدمين الاشتراك عن طريق المتجر وليس عبر الموقع الرسمي لشركة سبوتيفاي وإلا سوف تختفي بعض المزايا من المشترك إذا ااشترك في الموقع.
نعم أبل فنانة في ربح الأموال وتعرف كيف تستغل جيب المستخدم وحتى حصة ربح الشركات الأخرى.
نعم أبل تضع قيود كثيرة وبالفعل ذكرنا في المقال أن سبوتيفاي تقاضي ابل حالياً
سياسة جوجل او مايطلق عليه
” النمودج الاقتصادي لجوجل ”
يعتمد اساسا على تقديم خدمات
بالمجان حتى تنتشر وتصل
الى اكبر عدد من الناس
تم استهدافهم بعد ذلك بالاشهار
وتنتهك خصوصيتهم وتجمع معلوماتهم
( الاصرار على التسجيل لاستعمال
تطبيقاتها ) لجني الارباح
جوجل تقدم اندرويد بالمجان للشركات
لكنها تفرض تثبيت مجموعة من التطبيقات
لتحقيق نمودجها الاقتصادي وتعطي
اولوية لاعلاناتها وتضايق المعلنيين
المنافسين وهدا سبب غضب الاتحاد الاوروبي
لايمكن مقارنة ابل بجوجل
لانها بكل بساطة تبيع منتجات
خاصة بها ، اما القضية التي
رفعتها مصر على ابل فهي مضحكة
لانه لايمكن اتهام ابل بانها تحتكر
منتجاتها الخاصة بها 😂😂😂
عالمنا العربي مضحك
كلها خرابيط مدعي الديموقراطية
مشكورين 😘
الصديق صاحب تعليق جوجل مصدر الثروات الطبيعية 😂
مقال رائع جدا
شكرا لكم
ما شاء قطاع التعليقات هنا بيكون جواه اراء ومقالات زيادة عن المقالة نفسها كانكم كلكم خبراء تقنية اتمنى مزيد من الاجتهاد في التعليقات 😁
حلو الاسم افتكرت في البداية إني أنا اللي معلق وأنا معرفش
متابع حضرتك من زمان مقالاتك ما شاء الله قوية والاسم تأثر بيك طبعا