اكتشف العلماء الرسم في لوحات تعود الى عشرين الف سنة قبل الميلاد في فرنسا وأسبانيا، وقد كان تتطورها يدل على أن هذه المهارة نشأت قبل هذا الزمن بكثير وأن الاهتمام بالرسم ووضع الافكار على شكل صور تميزها، لهو من أقدم ما ميز البشر وجعلهم قادرين على تناقل الافكار بسلاسة ووضوح قد يفوق في بعض الأحيان مجرد التعبير بالكلمات، فهل لنا أن نتخيل مهندساً معماريا يقوم بالتخطيط لبناء ناطحة سحاب مستخدما التوصيف بالكلمات فقط؟ أمر قد يكون مستحيلاً. فالحل هو في تصوير الفكرة “رسمها” ليتسنى للمتلقي فهم الفكرة ببساطة شديدة وبعيدا عن التحليلات أو التاويل الشخصي. ومؤخراً غزت الأجهزة اللوحية معظم المجالات فهل تستطيع أن تساهم في هذه الثورة وتطورها؟

بعد أن فهمنا لماذا يعتبر التصوير والرسم شيئا مهماً في حياتنا، سيكون من السهل علينا إذا أن نفهم لماذا دخلت التكنولوجيا لتطوير هذه المهارة حتى أصبحت صناعة بملايين الدولارات فمثلاً حققت شركة Adobe دخل يقدر ب 4.21 مليار دولار العام الماضي وصافي أرباح 832 مليون دولار.

وقد تطورت صناعة الرسم والتصوير بشكل هائل وأصبحت عاملاً محورياً في بعض الصناعات بلا مبالغة، تخيل أن هناك قناة اخبارية لا تعرض رسوما بيانية، أو النشرة الجوية لا تزال عبارة عن ورقة معلقة على الجدار، لا شك أن هذا سيكون مدعاة للملل والفشل. أو تخيل شركة هندسية لا ترسم رسما دقيقا مبانيها قبل الشروع في البناء، قد يكون هذا كارثة على سكان تلك المباني.

الآن لنعد إلى التكنولوجيا ودورها في إعادة صناعة مفهوم الرسم والتصوير وهو ما سمي لاحقا بفن التصميم الجرافيكي، لا شك أن ورود مصطلح تصميم جرافيكي يجلب للاذهان فورا كلمة فوتوشوب، وهو التطبيق الاشهر على الاطلاق في مجال الجرافيكس وذلك لقوة انتشاره وسهولة التعامل معه نوعا ما والخيارات اللانهائية التي يمكن أن يوفرها هذا البرنامج الذي ظهر في عام 1988 على يد توماس وجون نول من جامعة ميشيغان في امريكا.

إن دخول الرسم بهذه السهولة في مجال التكنولوجيا وبوجود شركات عظمى تحاول اقتحام هذا السوق الذي يعد بالكثير وخصوصا بعد ثورة الاجهزة الكفية، جعل من الاهتمام بهذا القطاع أمراً لازماً، لكن هذا التطور الذي يرى المستخدم الناتج النهائي منه فقط، قائم على مجموعة من الاختراعات الدقيقة، لإظهار الصور والرسوم بالشكل المقبول لدى الانسان، فبدأت الشركات تتنافس في صناعة الكاميرات عالية الدقة والتي أصبحنا نراها في معظم الأجهزة الحديثة حتى أصبح الهاتف ينافس الكاميرات الاحترافية، لكن لتظهر جمال الصورة فإن علي الشركات أيضاً ان توفر شاشات قادرة على عرض تفاوت درجات اللون الواحد في مساحة متناهية الصغر مثل الآي باد الجديد،

ثم عليها ان تزود هذه الشاشات بملتقطات اللمس فائقة الحساسية لتستطيع أنت أن تتفاعل مع هذه الصور (في الالعاب مثلا) بسهولة وسرعة كبيرة وقبل كل هذا لابد أن يحمل الجهاز معالجاً وعتاداً يكون قادرا على استيعاب كل هذا التعقيد دون أن ياثر هذا على حجم الجهاز وأداء البطارية.

وبعد كل هذا يأتي دور التطبيقات التي يجب ان توفر للمستخدم حلولا عملية للرسم والابتكار والتعديل على الصور لتوجيه هذا الاهتمام الانساني بالتصوير والرسم نحوها بشكل سهل مبسط يمكن للجميع البدء في استخدامه خلال لحظات، دون التخلي عن الاضافات الاحترافية كتنوع الاقلام والفراشي في برنامج Sketchbook أو وجود الفلاتر في تطبيق instagram كما اتجهت شركات عملاقة مثل Adobe إلى اصدار نسخ من تطبيقاتها في الآي باد بعد غياب سنوات مثل الفوتوشوب الشهير:

The app was not found in the store. :-(

بالطبع محترفي الفوتوشوب لم يعجبهم هذا التطبيق ورأوا انه بسيط بدرجة كبيرة وغير احترافي ولكن لابد أن نلاحظ أن نسخة الفوتوشوب على الكومبيوتر هى حصيلة تطور أكثر من 20 عاماً أما نسخة الآي باد فلاتزال في طور البداية وحتى شركة أدوبي نفسها أسمت التطبيق Touch أي أنه مجرد لمسة من الفوتوشوب ليس إلا ولكنه يعني بداية دخول هذا العالم إلى الأجهزة اللوحية وأيضاً هناك شركة أوتوكاد العملاقة والتي تقدم أشهر تطبيقات الهندسة المعمارية في العالم أصبح لديها تطبيقات على الأجهزة اللوحية.

‎AutoCAD
المطور
تنزيل

وهو مؤشر هام على قدوم التقنيات التي كانت حكراً فقط على أجهزة الحاسوب إلى مجال الأجهزة اللوحية وذلك لأن هناك مميزات لا منافس لها في الآي باد أو أي جهاز لوحي وهى صغر الحجم وخفة الوزن مما يجعله معك في كل مكان، ليبقي هناك سؤال يحير الكثيرين وهو أن الأجهزة اللوحية تمكنت من هزيمة الكومبيوتر في الاستخدامات العادية للأفراد لكن ماذا عن الاستخدام الاحترافي مثل الرسم وغيره فهل من الممكن أن تتطور الأجهزة اللوحية لتنافسه؟!

نظرياً يبدو هذا مستحيلاً لكن في أرض الواقع لا أحد يعلم ماذا يمكن أن يحدث خلال ال 10 سنوات القادم في عالم التكنولوجيا وربما يحدث العكس فمثلاً يظن البعض أن الأجهزة اللوحية هى فقط التي تتطور والحاسب الشخصي سيظل ثابت بنفس إمكانياته لكن هذا ليس صحيحاً فقريباً سيصبح بإمكانك التحكم في شاشات الكومبيوتر الخاص بك عن بعد وهو  الأمر الذي كان أشبه بخيال علمي محض لكنه أصبح ممكن ويمكن مشاهدة هذا الفيديو:

تخيل أنك تستطيع أن تتحكم في جهاز الكومبيوتر الخاص بك عن بعد وتستطيع أن ترسم كذلك باصابع يدك على الشاشة، ألن يكون هذا رائعاً؟ المنتج الذي في الفيديو ليس خيالاً وسوف يكون متاح إن شاء الله في الاسواق خلال الأشهر القادمة وبسعر 70 دولار فقط ولا يحتاج مواصفات خاصة فقط قم بتوصيلة بجهاز الكومبيوتر الخاص بك عن طريق ال USB ثم تحكم في جهاز الحاسب الآلي الذي تجلس أمامة الآن عن بعد وبدون أن تغير أي أجزاء فيه. تخيل ماذا يمكن تقدم هذه التقنية في مجال الرسم والجرافيك؟

الخلاصة أن لا أحد يعلم ماذا سيحدث في مجال التقنية لكننا أردنا أن نشارككم هذا المجال الذي يتطور بشكل سريع ولا يلقى اهتمام كافٍ في وسائل الإعلام حيث تتطور الأجهزة اللوحية وكذلك الحاسب الشخصي وانتصر الأول في المجال الترفيهي فمن ينتصر في المجال الاحترافي؟

هل يمكن أن تساهم الأجهزة اللوحية في تطوير صناعة الجرافيكس؟ أم أن هذه الصناعة ستظل حكراً على الحاسب الشخصي فقط؟ شاركنا رأيك

نشكر الصديق عصام على إرسال هذا الموضوع

مقالات ذات صلة