قبل أيام أعلن الاتحاد الأوروبي عن تغريم جوجل أكبر غرامة في تاريخ الشركات التقنية في نقطة الاحتكار حيث وصلت إلى 5 مليار دولار. وقبلها بأشهر غرم أيضاً شركة كوالكم مليار دولار لنفس الأسباب وهي الاحتكار أيضاً. لكن لماذا تلجأ شركات عملاقة مثل كوالكم وجوجل إلى القيام بممارسات غير قانونية؟ وكيف يفيد الاحتكار هذه الشركات العملاقة. وكيف يمكن أن يتهم الأندرويد مفتوح المصدر بأنه أداه للاحتكار.
تسيطر جوجل حالياً على 90% تقريباً من سوق محركات البحث العالمي بينما تسيطر كوالكم على حصة الأسد في مجال تطوير المعالجات أو ما يسمى النظام في شريحة SoC حيث تبلغ حصتها 42% يليها من بعيد أبل بحصة 20% ثم ميديا تك 14% (إحصائيات الربع الثالث 2017) وهذا يمنح الشركتين التفوق الكبير. فغالباً إن أرادت شركة أن تقدم هاتف بمعالج قوي فالخيار هو كوالكم لأن أبل لن تبيعها معالجها وكذلك هواوي “هاي سيليكون” فسيكون الخيار إما كوالكم أو ميديا تك وبالطبع كوالكم الخيار المثالي بلا تفكير. الأمر يصبح أوضح بكثير في محرك البحث؛ ما الخيار أمامك؟ إنه جوجل بلا نقاش وبلا تفكير فلماذا إذاً تقوم الشركات هذه بممارسات غير قانونية بالرغم من أنها بدونها ستصبح الأقوى؟
القصة من الماضي
هناك طريقة رائعة لإجابة أي تساؤل وهو أن تبحث وراء المشهد الحالي فالنظر للموقف الحالي يعتبر نظره قاصرة للغاية فأنت هنا تقوم بتحليل النتائج وتشاهدها لكننا نريد أن نصل سوياً إلى سؤال وهو كيف وصلنا هنا؟ الحل هو أن نترك وقتنا الحاضر ونعود للماضي ونرى كيف ولماذا أصبحت الشركات بهذه القوة الطاغية. ولنناقش هنا شركتينا جوجل وكوالكم.
كوالكم وتدمير المنافس بشكل غير مباشر
تشن شركة كوالكم حالياً هجمة مضادة على أبل التي كانت تتهمها بالابتزاز في قضية شهيرة تحدثنا عنها عدة مرات سابقاً وبدأ الاتحاد الأوروبي يبحث في خلفيات القضية ووجد أنه بالفعل شركة كوالكم أكثر تطوراً بكثير من منافسيها فتساءل المحققون لماذا هذا التفوق؟ وبدأوا في البحث عن خلفياته وكانت المفاجأة أن من ضمن الأسباب (ضمن الأسباب وليس السبب الوحيد بالطبع) أن هناك ممارسات غير قانونية حيث كانت كوالكم تقوم بدفع ما يشبه “الرشوة” للشركات مقابل استخدام تقنياتهم وترك المنافسين حيث تمنحهم تخفيضات خاصة مقابل أن تضمن استمرار الشراء منها لسنوات. وبهذا تحتكر كوالكم هذه الأجهزة مسبقاً وتضمن سيل من الأموال قادم إليها مما يدمر المنافس.
لتبسيط الأمر؛ كوالكم تقنع أبل أن تشتري شريحة الاتصال منها ل 3 سنوات قادمة؛ وتقنع سامسونج وسوني وغيرهم. وهنا يحدث أمرين؛ الأول أن المنافس الخاص بكوالكم لنفترض أنه إنتل ينفق الآن مليارات الدولارات في الأبحاث ويقوم بتطوير شريحة اتصالات لكن يفاجئ بأن جميع الشركات تشتري من كوالكم. والنتيجة خسائر فادحه لإنتل؛ وبعد سنة وأخرى تبدأ في تقليل المبالغ المنفقة على تطوير شرائح الاتصال وبالتالي تتخلف إنتل في هذا المجال. على النقيض تماماً في كوالكم فهي تضمن مسبقاً طلبات شراء بالمليارات لذا تستطيع التوسع في الأبحاث لأنها ضمنت البيع قبل التطوير والتصنيع. أي نجد طرفين هنا أحدهم لا يجد مشتري فيغلق مراكز الأبحاث أو يقلل الإنفاق والآخر ضمن البيع فينفق مطمئناً. وباستمرار الحال هكذا لسنوات تخلف الجميع وتطورت كواكم.
جوجل واحتكار العملاء
أطلقت جوجل نظام الأندرويد بعد عام تقريباً من iOS وبدأت توفره للشركات؛ وحصل نظام الأندرويد على شعبية كبيرة فهنا استغلت جوجل هذا الأمر حيث قررت أنه على الرغم من كون النظام مفتوح المصدر أي يمكن لأي جهة التعديل عليه لكن الشركات مجبرة على أمر واحد وهي خدمات جوجل؛ ليس من حق الشركات إزالة محرك بحث جوجل أو تطبيق البريد الخاص بها ولا خرائطها ولا خدماتها المختلفة. وإن فعلت أي شركة هذا الأمر فعليها أن تغير اسمه ولا يصبح أندرويد تماماً كما فعلت أمازون في نظامها “فاير” وتحرم هذه الأجهزة من متجر البرامج الخاص بجوجل. وإن أراد المستخدم تحميل متجر البرامج الخاص بجوجل عليه إعادة ما أزالته الشركة مثل خدمات جوجل المختلفة “google services” أي اختصاراً إعادة جوجل للجهاز. أي أن الخلاصة هي أنه يحق لكي كشركة أن تفعلي ما تشائين بشرط أن نحصل نحن على بيانات العملاء.
بحصول جوجل على بيانات أكثر من 2 مليار إنسان ومعرفتهم ماذا يتصفح ويحب ويذهب ويأكل وحتى قراءة رسائل البريد الخاصة به أصبحت جوجل تمتلك بيانات ضخمة ودقيقة عنك وبالتالي أصبح محرك البحث الخاص بها أقوى وكذلك امتلكت ميزة تنافسية في مجال الإعلانات فهي تعرف بشكل أفضل من المنافسين من يهتم بهذا النوع من الإعلانات. وبالتالي قضت جوجل على أي منافس محتمل:
◉ أشكال أخرى للأندرويد: عليكم إضافة خدمات جوجل وتطبيقاتها وبهذا أجبروا على استخدام بعض الأمور وتم تقييد الإبداع.
◉ شركات محركات البحث: نعلم المستخدم أفضل منكم وبالتالي نقدم نتائج مناسبه له أفضل منكم.
◉ شركات الدعاية: أيضاً نعلم المستخدم أفضل منكم وبالتالي عندما يعلن أحد لدينا يمكننا أن نقدم له نتائج أفضل منكم.
وبهذا سيطرت جوجل تماماً على عدة أسواق ومجالات وأصبح في حكم المستحيل منافستها لأنه من المنافس الذي يملك بيانات ربع سكان الكرة الأرضية؟
للحديث بقية
نعلم أن هناك أسئلة قد يطرحها البعض وهي “ما الضرر علينا؟” فمن منطق الجودة نحن نحصل على معالجات وشرائح اتصال رائعة من كوالكم وكذلك نحن الأندرويد. نحن لم نتعرض للضرر من هذا الاحتكار. هذا السؤال سوف يطول شرحه لتوضيح خطأ في طريقة التفكير هذه. وكذلك سوف نناقش لاحقاً دور الحكومات وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي وهل يستطيع حقاً إيقاف الشركات العملاقة مثل كوالكم وجوجل وغيرهم؟ انتظروا مقالنا القادم.
ما رأيك في مفهوم الاحتكار في التقنية وما فعلته جوجل وكوالكم مع منافسيهم؟ وما رأيك في تطبيق الغرامات على الشركات؟
المصادر:
NYT | statista | theverge | statcounter
أوضح مثال على حالات الاحتكار وكيف تقوم الشركات العملاقة بقتل منافسيها .هل تتذكرون ماذا فعلت مايكروسوفت مع نيتسكب . كانت مايكروسوفت تشترط على كل من يشترى Windows ان يستخدم Microsoft explorers فى هدا الوقت Netscape كان أفضل بكثير من Explorer ولكن قوة مايكروسوفت الاحتكارية قضت على المنافس تماما
هذه الشركات يجب ان تدفع اكثر من نصف ارباحها سنوياً فهذه الشركات لا تسيطر علي الحاضر فقط ولكن امتلكت المشتقبل ايضاً و كانت السبب في خساره الكثير من الشركات التي كان من الممكن ان تكون منتجاتها و خدماتها افضل من هؤلاء لكن هذه الشركات تحاول القضاء علي اي منافس حتي وان كان افضل منهه و هذه هي خساره المستخدم !!
كلام منطقي ومقال جميل ورائع كالعاده وشكرا لك من الأعماق اخي وحبيب الكل بن سامي
مقال روووعة شكراً بن سامي 💙💙
لدي سؤال..
لماذا اعتبر الإتحاد الأوروبي شركتي قوقل وكوالكوم محتكرة، بينما لم تعتبرها هكذا بقية الدول، كأمريكا وروسيا وباقي الدول الكبيرة الأخرى ؟!
كل من إحتاج المال سينخل الرمال
مقال رائع
شكراً لكم وبإنتظار المقال القادم
مقال رائع جداً واتوقع مع توسع الشركات الكبرى وامتلاكها كل هذه البيانات سوف تسيطر على الدول
بعد التحية؛؛؛
بدايةً احييكم على المجهود المبذول طرفكم.
• في نظري ان لجوء الشركات للاحتكار ( في ظل الأزدهار والتراجع التقني ) مرتبط باستمرار تفوق شركة ما عن البقية ..
ولكل شركة حقبة زمنية خاصة بها تتميز فيها وتتفوق وتعتلي ذروة التميز خلالها. ثم بعد ذلك تبدأ في الانحدار ، قد لا يكون الانحدار لدرجة السقوط انما قد يجعلها تسير برفقة البقية على نفس المستوى.
اما فيما فعلته الشركتان ضد منافسيها ، فهو أمر طبيعي في ظل الصراعات التقنية الشرسة ..
تطبيق الغرامات على الشركات اظنه الوسيلة للنهوض بشركة ما عن اخرى او سقوطها تجاه منافسيها.
انا لم اتمكن من سماع او قراءة المقال كاملاً لذلك اود ان اقول شيء لماذا هذا الهجوم من اوربا على امريكا طالبت اوربا بجعل الانترنت ليس محتكر لامريكا وحاولت اوربا عمل برنامج طباعة منافس لمايكروسوفت وفشلو وقامو بعمل نظام ملاحة جاليليو للتخلص من جي بي اس والان تريد اوربا الحد من خدمات جوجل هل اوربا العجوز انتقلت للعالم المستهلك والصناعة الثقيلة لم تعد تكفي للاستمرار بالعيش في العالم الحديث . انا اتوقع ان هذه الازمة سيتم تسويتها وامريكا لن تسمح بدفع هذه الغرامة المبالغ فيها بصراحة عقلي لم يتقبل مثل هذا الهراء
مقال رائع جداً كالعادة ومنطقي
شكراً لك اخي بن سامي🌹
نفس الشيئ بالنسبة لشركة ابل ، لكن رؤيتك محدودة جعلت قوقل و كوالكم شركات محتكرة، هم يقدمون سلعة بسعر معقول ، وخدمات مجانية ، يمكنك بسهولة التخلي عنها وشراء سلع ابل
الرجاء ذكر اسم عدد 1 منتج أبل بتصنعه وتبيعه لشركات تانية وتجبرهم عليه… يعني بتصنع شاشات مثلاً؟ بتصنع معالجات؟ زي كوالكم؟ عندها محرك بحث وبتجبر الشركات اللي بتحط نظامها إنها تستخدمه؟ بتقول لفوكسكون إنها متجمعش مثلاً أجهزة لشركات أخرى؟ بيع سلعة ب 100000 ضعف سعرها لا يعني اختكارها… الاحتكار هو تدمير المنافس وأبل حصتها في كل المجالات لا تتجاوز 25% وبالتالي منافسيها حصتهم أضعافها… في الجزء القادم سوف نقوم بشرح معنى احتكار لأنه يبدو أن البعض يظن البيع بسعر مرتفع يعني احتكار
تحياتي للاستاذ بن سامي
مقال رائع لفك بعض الاسرار
مقال رائع ومنطقي
مقال رائع وجميل
ا
نقاش رااااااائع ….
أحسنت بن سامى …