لا شك أن المنافسة بدأت تشتعل من جديد، وهذه المرة في عالم “الحوسبة المكانية” أو الواقع المختلط. فبعد أن أطلقت أبل نظارتها “فيجن برو” وأحدثت ضجة هائلة، قررت سامسونج، ألا تقف متفرجة، وأعلنت هي الأخرى عن نظارتها الجديدة “جالاكسي XR”، لتتحدى أبل مباشرة. في هذا المقال، لن نخبرك بالفائز، بل نساعدك على معرفة أي من هاتين النظارتين قد تكون الأنسب لك، إذا قررت يوماً ما الإقدام على شراء أي من هذه النظارات. فهل ستبحث عن القوة والتجربة الفاخرة؟ أم ستبحث عن الراحة، والسعر المنطقي، والذكاء الاصطناعي المتطور؟ دعنا نغوص في أعماق هذه المقارنة الشاملة.

سامسونج XR أم آبل فيجن برو؟

عندما نتحدث عن نظارات الواقع المختلط XR، فنحن لا نتحدث عن ألعاب فقط. نحن نتحدث عن مستقبل محتمل للكمبيوتر الشخصي، طريقة جديدة للعمل، ومشاهدة الفيديوهات، والتفاعل مع العالم الرقمي والواقعي في آن واحد. وقد وضعت آبل معياراً مرتفعاً جداً مع “فيجن برو”، لكن سامسونج تأتي باستراتيجية مختلفة تماماً مع “جالاكسي XR”.
السعر والقيمة مقابل المال
لنكن صريحين، هذا هو الفارق الأكبر والأكثر وضوحاً.
◉ نظارة سامسونج XR: تأتي بسعر 1,799 دولاراً. هذا المبلغ يعد كبير، لكنه يُعتبر “رخيصاً جداً” عند مقارنته بالمنافس.
◉ آبل فيجن برو: يبدأ سعرها من 3,499 دولاراً. وهذا تقريباً ضعف سعر نظارة سامسونج!
ما الذي تحصل عليه مقابل سعر نظارة سامسونج؟
لا يتوقف الأمر عند السعر. سامسونج تقدم عرضاً مغرياً جداً للمشترين الأوائل “Explorer Pack” أو حزمة المستكشف، والتي تقول إن قيمتها تزيد عن 1,140 دولاراً! هذه الحزمة وحدها تجعل الصفقة رائعة، وهي تشمل:
◉ 12 شهراً من جوجل AI برو للاستفادة القصوى من جيمني.
◉ 12 شهراً من YouTube Premium، يعني مشاهدة بلا إعلانات.
◉ 12 شهراً من Google Play Pass، يعني وصول لمكتبة ألعاب وتطبيقات شاملة.
◉ اشتراكات في خدمات أخرى مثل Adobe Project Pulsar و Calm Premium.
◉ حتى اشتراك في NBA League Pass!
ببساطة، آبل تبيعك قطعة “هاردوير” فاخرة بسعر مرتفع جداً. وسامسونج تبيعك “منصة” كاملة بسعر نصف المنافس، مع حزمة برمجيات تشعرك بأنك حصلت على صفقة العمر.
التصميم والراحة
عندما ترتدي جهاز كمبيوتر على وجهك، يصبح الوزن والراحة عاملين حاسمين.
آبل فيجن برو: الفخامة لها ثمن

نظارة آبل لا يمكن إنكار فخامتها. مصنوعة من الزجاج المصقول والألومنيوم والمواد الفاخرة. لكن هذه الفخامة تأتي بوزن ملحوظ. العديد من المراجعات أشارت إلى أن ارتداءها لفترات طويلة يمكن أن يكون مرهقاً للرقبة والوجه.
سامسونج XR: الراحة أولاً

اتخذت سامسونج قراراً ذكياً. فبدلاً من المواد الفاخرة، استخدمت البلاستيك عالي الجودة. قد لا تبدو “فاخرة” بنفس القدر، لكن النتيجة هي نظارة أخف وزناً بشكل ملحوظ.
◉ الوزن: جالاكسي XR أخف، مما يجعلها مريحة جداً لفترات الاستخدام الطويلة، مثل مشاهدة فيلم كامل أو العمل لساعات.
◉ التوازن: تصميمها يوزع الوزن بشكل متوازن على الرأس.
◉ الحزام: تأتي بحزام واحد يلتف حول الجزء الخلفي من الرأس مع قرص Dial لشدّه أو إرخائه بسهولة، وهو تصميم أثبت فعاليته في توزيع الضغط.
إذا كنت تهتم بالراحة فوق كل شيء، فسامسونج XR هي الفائز بلا منازع.
الشاشة والانغماس: دقة النص أم الوعي بالمحيط؟
هنا تظهر فلسفتان مختلفتان.
آبل فيجن برو

تستخدم آبل شاشات Micro-OLED مذهلة. الهدف هو الانغماس الكامل. الختم المحيط بالوجه Light Seal مصمم ليحجب كل الضوء الخارجي، مما يغمرك تماماً في المحتوى. وتتميز شاشاتها بأنها الأوضح في عرض النصوص، مما يجعلها مثالية للقراءة والعمل. كما أنها تدعم معدل تحديث أعلى يصل إلى 120Hz لتجربة أكثر سلاسة.
سامسونج XR

تستخدم أيضاً شاشات Micro-OLED ثنائية “تبدو جيدة” جداً. لكن هناك فرقان جوهريان:
1. وضوح النص: النصوص ليست بنفس دقة ووضوح آبل فيجن برو. لا تزال ممتازة، لكن آبل تتفوق في هذه النقطة.
2. حجب الضوء: الختم في نظارة سامسونج لا يحجب كل الضوء المحيط. وهذا قد يبدو عيباً، لكنه قرار تصميمي مقصود. إنه يجعلك “أقل انعزالاً” عن العالم، ويقلل من شعور “الغثيان” أو الدوار الذي قد يصيب البعض، ويجعلك أكثر وعياً بما يدور حولك.
الخلاصة: هل تريد انغماساً كاملاً ودقة نصوص لا تضاهى؟ اختر آبل. هل تفضل أن تبقى متصلاً قليلاً بالعالم الحقيقي وتريد تجربة مريحة للعين؟ اختر سامسونج.
العقل المدبر: نظام التشغيل، الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات
هذه هي ساحة المعركة الحقيقية التي ستحدد الفائز على المدى الطويل.
نظام التشغيل visionOS مقابل Android XR

◉ آبل visionOS: نظام ناضج، ومصقول، ومبني من الصفر لهذه التجربة. يعمل بتناغم تام مع نظام آبل البيئي الآي-فون وماك.
◉ سامسونج Android XR: نظام جديد تماماً، ومبني بالشراكة مع جوجل. كونه جديداً يعني أنه سيواجه بعض العقبات في البداية، ولكنه يحمل إمكانات هائلة كونه “أندرويد”.
ثورة الذكاء الاصطناعي (جيميني هو السلاح السري)

هنا تتفوق سامسونج وبقوة. نظارة جالاكسي XR ليست مجرد نظارة، بل هي منصة لذكاء جوجل الاصطناعي Gemini.
◉ تكامل عميق: حيث يمكن لـ Gemini استخدام الكاميرات الموجودة في النظارة ليرى ما تراه أنت.
ومن الأمثلة الواقعية على ذلك:
◉ يمكنك أن تنظر إلى مبنى في الشارع وتسأل “ما هذا المبنى؟” وسيجيبك Gemini.
◉ ويمكنك استخدام ميزة “Circle to Search دائرة للبحث” على أشياء في العالم الحقيقي! تخيل أنك ترسم دائرة في الهواء حول مزهرية أعجبتك في منزل صديقك، ليخبرك Gemini من أين يمكنك شراء واحدة مثلها.
هذه ليست مجرد ميزات، هذا تغيير في طريقة التفاعل مع الواقع. آبل لديها “Apple Intelligence” ولكن هذا المستوى من التكامل البصري مع العالم الحقيقي هو خطوة متقدمة من جوجل وسامسونج.
فجوة التطبيقات (الخبرة مقابل البدايات)

◉ آبل فيجن برو لديها مكتبة تطبيقات مخصصة أكبر وأكثر نضجاً، وذلك لأنها موجودة في السوق منذ فترة أطول. وقد أخذ المطورون وقتهم لبناء تجارب فريدة لـ visionOS.
◉ أما سامسونج جالاكسي XR: فبما أن النظام جديد، فمكتبة التطبيقات المخصصة له لا تزال في بداياتها. فهي تأتي مع تطبيقات أساسية مثبتة مسبقاً مثل اليوتيوب وخرائط جوجل، والصور، ونتفليكس.
ويمكنك تنزيل تطبيقات أندرويد العادية من متجر جوجل بلاي، لكنها لن تكون مُحسّنة للواقع المختلط، حيث ستظهر كنافذة مسطحة عادية.
هذه نقطة ضعف واضحة لسامسونج حالياً، لكن مع دعم جوجل وقاعدة مطوري الأندرويد الضخمة، قد يتم سد هذه الفجوة بسرعة.
القوة والأداء: M5/M2 ضد سناب دراجون

هنا يظهر تفوق آبل الواضح.
◉ آبل فيجن برو: تعمل بشرائح M-series الجبارة مثل M2 أو M5 الأحدث. هذه هي نفس الشرائح المستخدمة في أجهزة الماك بوك. إنها توفر قوة معالجة ورسوميات هائلة، لا تضاهى في هذا المجال.
◉ أما سامسونج XR: فتعمل بشريحة سناب دراجون الجيل الثاني 2 بالإضافة إلى XR2. وهي شريحة قوية جداً مخصصة للواقع المختلط، لكنها ببساطة لا تضاهي قوة شرائح آبل.
لكن هل سيلاحظ المستخدم العادي هذا الفرق؟
ربما ليس في المهام البسيطة، ولكن في الألعاب الثقيلة، وتعدد المهام المكثف، وتطبيقات الإنتاجية المعقدة، ستكون آبل فيجن برو أسرع وأكثر سلاسة.
التحكم والتفاعل

◉ آبل فيجن برو تعتمد كلياً على تتبع اليد والعين. والتجربة وصفت بأنها “سحرية”. لا تحتاج لأي أدوات تحكم. أنت فقط تنظر إلى أيقونة وتضم إصبعيك “قرصة” للنقر. إنه النظام الأكثر بديهية وسلاسة في السوق.
◉ أما سامسونج XR: تدعم أيضاً تتبع اليد والعين، لكن المراجعات الأولية تقول إنها ليست بنفس دقة وسلاسة نظام آبل. ولحل هذه المشكلة، تبيع سامسونج أدوات تحكم اختيارية بسعر 250 دولاراً.
هذا قد يبدو كتكلفة إضافية، ولكنه في الواقع نقطة قوة للاعبين، فالعديد منهم يفضلون الأزرار الملموسة لوحدات التحكم بدلاً من إيماءات اليد.
الاتصال بالكمبيوتر والبطارية
الاتصال
◉ نظارة آبل فيجن برو تتصل بجهاز الماك لتحويله إلى شاشة افتراضية عملاقة. التجربة سلسة جداً وتعمل بشكل ممتاز ضمن نظام آبل البيئي.

◉ أما سامسونج XR فيمكنها الاتصال بالكمبيوتر لنفس الغرض. لكن التجربة ليست بنفس السلاسة، وتتطلب عدة تطبيقات وبرامج لضبطها.

البطارية
النظارتان تعتمدان على بطارية خارجية متصلة بسلك لتقليل الوزن على الرأس.
◉ نظارة آبل فيجن برو M5، تعمل لحوالي ساعتين ونصف من الاستخدام العام، و ثلاث ساعات لمشاهدة الفيديو.

◉ ونظارة سامسونج XR تعمل حوالي ساعتين من الاستخدام العام، و وساعتين ونصف لمشاهدة الفيديو.

تفوق طفيف لآبل، لكن كلاهما يتطلب منك البقاء قرب الشاحن أو حمل بطاريات إضافية للاستخدام الطويل.
الخلاصة
لقد حللنا كل شيء، والآن حان وقت القرار. لا توجد نظارة “أفضل” للجميع، بل توجد نظارة “أنسب” لك.
اشتري آبل فيجن برو إذا:
◉ كنت تمتلك المال الكافي وإنفاق مثل هذا المبلغ ليس مشكلة لديك على الإطلاق.
◉ كنت منغمس بشدة في نظام آبل البيئي وتستخدم كافة اجهزة أبل.
◉ كنت تريد القوة الخام المطلقة بسبب شريحة M، وإذا كنت تريد أفضل دقة شاشة لقراءة النصوص.
◉ كنت تريد تجربة التحكم “السحرية” السلسة بالعين واليد ولا تريد أي أدوات تحكم.
◉ كنت تريد مكتبة تطبيقات ناضجة من اليوم الأول.
اشتري نظارة سامسونج XR إذا:
◉ كنت تريد توفير مبلغ ضخم حوالي 1700 دولار! والحصول على قيمة مذهلة مع “حزمة المستكشف”.
◉ كانت الراحة والوزن الخفيف هما أولويتك القصوى للاستخدام الطويل.
◉ كنت متحمس جداً لإمكانيات الذكاء الاصطناعي Gemini ورؤية العالم من خلاله.
◉ كنت مستخدم لنظام أندرويد أو ويندوز.
◉ كنت “لاعب” وتفضل استخدام وحدات تحكم فعلية.
◉كنت لا تمانع أن تكون من “المستكشفين الأوائل” لنظام Android XR الجديد وتنتظر نمو مكتبة تطبيقاته.
في النهاية، دخول سامسونج بهذه القوة وبهذا السعر هو أمر جيد لنا جميعاً كمستهلكين. وذلك لأنها تجبر آبل على الابتكار أكثر والمنافسة وتجعل هذه التقنية المستقبلية أقرب إلى متناول أيدينا كمستخدمين عاديين.
المصدر:



4 تعليق