يُمكن القول إن جهود آبل في مجال الذكاء الاصطناعي لم تكن مثمرة بالقدر الكافي مقارنة بمنافسيها. ففي حين أطلقت الشركات الأخرى روبوتات محادثة متقدمة وأدمجت الذكاء الاصطناعي بعمق في أنظمتها ومنصاتها، أخفقت آبل في الوفاء بالوعود التي قطعتها في وقت سابق من عام 2024. لا يزال تحديث “سيري” الواعي بالسياق “قادمًا قريبًا”، أما ميزات “ذكاء آبل” التي تم إطلاقها بالفعل، فقد جاءت مخيبة للآمال بشكل عام. لكن الأمل لم يُفقد بالكامل. فإلى جانب التوقعات بوصول “سيري” الجديدة في شهر مارس، هناك العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي الموجودة في الآي-فون والتي لا تندرج تحت مظلة “Apple Intelligence”.

دأبت آبل على تضمين “المحرك العصبي Neural Engine” الذي يدعم ميزات التعلم الآلي على الجهاز منذ إطلاق هاتفي آي-فون 8 وآي-فون X في عام 2017. ورغم أن “أدوات الكتابة Writing Tools” و “التنظيف Clean Up” في الصور هي أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن ذكاء أبل، إلا أن هناك الكثير من المزايا الذكية الأخرى التي لا تتطلب “Apple Intelligence” أو حتى اتصالاً بالإنترنت لتعمل على نظام iOS، تعرف عليها:
تطبيق الصور

إذا كنت من عشاق التصوير بالآي-فون، فلا شك أن تقدر فهم الآي-فون العميق لمكتبة الصور الخاصة بك. فبمجرد التقاط صورة أو حفظها، يمكنك النقر مطولاً على العنصر الرئيسي لعزله على الفور وإدراجه في مكان آخر، أو تغيير خلفيته، أو تحويله إلى ملصق. هذا يبسّط عملية تحرير الصور بشكل كبير، سواء لسير العمل الاحترافي أو للاستخدام العادي.
بالمثل، تقوم ميزة “المشهد المكاني Spatial Scene” في نظام iOS 26 بتحليل صورك لفهم عمقها. ويتيح لك هذا إنشاء نسخة متحركة وثلاثية الأبعاد من اللقطة تتفاعل مع حركة الآي-فون.
لا يقتصر دور تطبيق “الصور” في iOS على اكتشاف الحواف لتمييز العناصر فحسب؛ بل إنه يدرك أيضًا السياق الداخلي للصورة. حيث يتيح لك هذا البحث في مكتبة الوسائط بأكملها باستخدام كلمات مفتاحية ذات صلة، مثل “كلب”، أو “طاولة”، أو “باستا”، أو “وصفة”، وما إلى ذلك.
الإملاء

ميزة ذكية أخرى يعتمد عليها كثير من المستخدمين، وهي أداة الإملاء دون اتصال بالإنترنت. فبدلاً من كتابة نصوص طويلة يدويًا، اضغط ببساطة على زر الميكروفون في لوحة المفاتيح المدمجة وابدأ في التحدث. يبدأ الآي-فون في الاستماع وتحويل الكلام إلى نص في الوقت الفعلي. هذه الميزة دقيقة للغاية وتضع علامات الترقيم في الجمل بشكل صحيح.
ويعمل محرك تحويل الكلام إلى نص، المدمج في الجهاز أيضًا، في تطبيقي “المذكرات الصوتية Voice Memos” و”الهاتف Phone”، مما يتيح لك نسخ التسجيلات والمكالمات الصوتية مباشرة. وبينما يتطلب “تلخيص” النسخ الصوتي “Apple Intelligence”، فإن عملية “النسخ” نفسها تعمل دون الحاجة إلى تفعيل حزمة الذكاء الاصطناعي من آبل.
الصوت الشخصي Personal Voice

تأخذ آبل أدوات “تسهيلات الاستخدام Accessibility” على محمل الجد، لمساعدة ذوي الاحتياجات المختلفة على تحقيق أقصى استفادة من أجهزتها. “الصوت الشخصي” هي إحدى ميزات تسهيلات الاستخدام المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تتيح للآي-فون تحويل النص إلى كلام باستخدام صوتك أنت.
في حين كان الإصدار الأولي للميزة يتطلب عملية إعداد مرهقة مدتها 15 دقيقة، فإن الإصدار الأحدث يطالبك فقط بقراءة 10 جمل بصوت عالٍ. بمجرد الإعداد، يمكن للآي-فون التحدث باستخدام صوتك المقلد كلما قمت بإدخال نص في الحقل المخصص.
اقتراحات سيري

على الرغم من أن “سيري” نفسها لا تجيد دائمًا التعامل مع طلبات المستخدمين، إلا أن الاقتراحات التي تقدمها يمكن أن تكون مفيدة جدًا. بالنسبة لمن لا يعرف، يتعلم نظام iOS من عاداتك ويُبرز لك الإجراءات والمعلومات ذات الصلة في أجزاء مختلفة من النظام، مثل “البحث السريع Spotlight” وشاشة القفل. على سبيل المثال، إذا كنت تميل إلى تشغيل “خرائط آبل” كل يوم في الساعة 5 مساءً للعودة إلى المنزل بعد العمل، فستجد الاختصار في انتظارك بمجرد فتح قفل هاتفك في ذلك الوقت تقريبًا.
النص الحي Live Text

“النص الحي” هو أداة نظام للتعرف الضوئي على الحروف (OCR) تتيح لك التفاعل مع الأحرف المدعومة في مجموعة واسعة من التطبيقات. في تطبيق “الصور” على سبيل المثال، يمكنك نسخ العبارات التي تظهر في الصور بسرعة أو الاتصال برقم هاتف تم تصويره. تعمل الميزة أيضًا في تطبيقات الطرف الثالث المتوافقة، بالإضافة إلى الصور الموجودة على الإنترنت عند التصفح باستخدام “سفاري”. إنها طريقة فعالة لنسخ أو ترجمة أو مشاركة النص مباشرة من صورة.
تطبيق البريد

بينما تم إطلاق ملخصات البريد الإلكتروني مؤخرًا كميزة حصرية لـ “Apple Intelligence”، اكتسب تطبيق “البريد” ميزات ذكية أخرى لا تتطلب تفعيل حزمة الذكاء الاصطناعي. أبرزها أنه يمكنه الآن تحليل رسائل البريد الإلكتروني وفرزها بناءً على موضوعاتها، ووضعها في صناديق بريد مخصصة.
تشمل هذه الفئات: “الأساسي Primary”، و”المعاملات Transactions”، و”العروض الترويجية Promotions”، و”التحديثات Updates”. إنها طريقة أنيقة لتصفية الضجيج يمكنك تفعيلها أو إيقافها بسهولة في أي وقت.
التعرّف المباشر Live Recognition

ميزة “الصوت الشخصي” ليست أداة تسهيلات الاستخدام الوحيدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في iOS. “التعرّف المباشر” هي كاميرا ذكية مدمجة يمكنها وصف الأشياء والأشخاص أمامك. يمكن لذوي الرؤية المحدودة الاعتماد على الآي-فون لاكتشاف ما يحيط بهم بطريقة خالية من المتاعب.
البطارية

تمتد أدوات الآي-فون الذكية أيضًا لتشمل إدارة الطاقة. يتعلم نظام iOS من عادات الشحن الخاصة بك لتشغيل ميزة “شحن البطارية المُحسّن Optimized Battery Charging”. إذا واصلت توصيل الآي-فون بالشاحن طوال الليل، فلن يتم شحنه بالكامل حتى الصباح، وهو الوقت الذي تفصله فيه عادةً.
“نمط الطاقة التكيفي Adaptive Power mode” هو ميزة ذكية أخرى تراقب استخدامك وتحسّن الأداء لإطالة عمر بطارية الآي-فون إلى أقصى حد.
الكاميرا

على الرغم من أن تطبيق “الكاميرا” المدمج لا يقدم العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي كتلك الموجودة في بعض هواتف الأندرويد مثل بيكسل وغيرها، إلا أنه لا يزال يتمتع بالكثير من الذكاء. على سبيل المثال، يمكنه التعرف على الوجوه والحيوانات الأليفة قبل التقاط الصورة. يتيح له هذا تحويل تركيزه ديناميكيًا بناءً على ما يكتشفه في عدسة الكاميرا.
وبالمثل، يمكن للتطبيق اقتراح أوضاع تصوير بناءً على البيئة، مثل “الوضع الليلي Night mode” في الإضاءة المنخفضة، و”وضع الماكرو Macro mode” للقطات القريبة، وما إلى ذلك.
كما رأينا، فإن الآي-فون مليء بالميزات الذكية التي لا تعتمد على حزمة “Apple Intelligence” الجديدة. فبدءًا من إدارة الصور وتسهيلات الاستخدام، ووصولاً إلى تحسين أداء البطارية، يعمل “المحرك العصبي” بهدوء منذ سنوات لجعل تجربة المستخدم أكثر ذكاءً وكفاءة، دون الحاجة دائمًا إلى أحدث الميزات الرنانة أو الاتصال بالخوادم السحابية.
المصدر:



14 تعليق