هل سبق لك أن ارتديت سماعات أذن وشعرت وكأنها اختفت تماماً، تاركةً لك تجربة صوتية نقية؟ هل تخيلت سماعات لا تكتفي بتقديم الموسيقى، بل تهتم بصحتك وتفهم ما يدور حولك؟ حسناً، يبدو أن شركة أبل كانت تستمع جيداً لهذا الحلم. مؤخراً، أعلنت الشركة عن الجيل الثالث من سماعاتها الرائدة سماعة AirPods برو 3. لكن هل هذه السماعات مجرد ترقية عادية؟ أم أنها تمثل قفزة نوعية في فئة السماعات اللاسلكية التي نعرفها؟
في هذا المقال، سنغوص في أعماق كل ميزة جديدة، ونحلل كيف ستغير هذه السماعات تجربتك اليومية، ونقارنها بالجيل السابق لنساعدك على اتخاذ قرار الشراء الصحيح. استعد لاكتشاف عالم جديد من الصوت والذكاء في سماعات الأذن.

هدوء استثنائي وجودة صوت غير مسبوقة
عندما نتحدث عن سماعة AirPods برو، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو قدرتها على عزل الضوضاء. مع الجيل الجديد، أبل لا تكتفي بالتحسين، بل تقدم ثورة في هذه الميزة.
إلغاء الضوضاء أقوى بمرتين

تقول أبل أن إلغاء الضوضاء النشط ضعف سماعة AirPods برو 2، وأربعة أضعاف سماعة AirPods الجيل الأول. هذا التحسين ليس ناتجاً عن تقنية واحدة فقط، بل هو نتيجة تراكمية لعدة عوامل تعمل معاً بشكل متناغم.
السماعات الجديدة تأتي بميكروفونات “منخفضة الضوضاء للغاية”، فائقة الحساسية وقادرة على التقاط الأصوات المحيطة غير المرغوب فيها بكفاءة أعلى. فكلما كانت الميكروفونات أفضل في التقاط ضوضاء الخلفية، زادت كفاءة السماعات في إصدار موجات صوتية معاكسة لإلغاء تلك الضوضاء.
وإلى جانب ذلك، تستخدم السماعات نظام “الصوت الحسابي المتقدم” لمعالجة هذه الأصوات وإزالتها بشكل أكثر فعالية من أي وقت مضى.
ما يكمل هذا النظام بشكل مثير للاهتمام هو رؤوس الأذن الجديدة التي أُعيد تصميمها بالكامل. لم تعد مجرد قطع من السيليكون، بل أصبحت الآن ممزوجة بطبقة رقيقة من الإسفنج المطاطي الناعم. هذا الابتكار يوفر عزلاً سلبياً أفضل بكثير، مما يعني أن السماعة نفسها تمنع المزيد من الأصوات من الوصول إلى أذنك قبل أن تبدأ التقنية النشطة في عملها.
هذا التكامل والانسجام بين التحسينات المادية والبرمجية هو ما يفسر القفزة الكبيرة في أداء عزل الضوضاء، ويظهر أن أبل لم تعتمد على ابتكار واحد، بل عززت كل مكون في السلسلة الصوتية لتقديم تجربة لا مثيل لها.
الصوت التكيفي وذكاء الاستماع

لقد ولت الأيام التي كان عليك فيها الاختيار بين عزل الضوضاء أو سماع ما يدور حولك. مع سماعة AirPods برو 3، تقدم أبل ميزة “الصوت التكيفي” التي تمزج بذكاء بين وضع “إلغاء الضوضاء النشط” ووضع “شفافية الصوت”. فالسماعات الآن تتكيف مع بيئتك بذكاء، وتعطي الأولوية للأصوات الأكثر أهمية عندما تحتاج إلى سماعها.
ولعل أكثر الميزات إثارة للإعجاب هي “إدراك المحادثة”، حيث يمكن للسماعات أن تكتشف تلقائياً أنك بدأت التحدث مع شخص قريب منك، فتقوم بخفض مستوى صوت الموسيقى أو البودكاست تلقائياً. وعندما تنتهي من المحادثة، يعود الصوت إلى مستواه الأصلي تلقائياً.
هذه الميزات تمثل توجهاً جديداً في عالم السماعات، حيث تتحول من مجرد جهاز استماع إلى جهاز “ذكي” يتفاعل مع البيئة. السماعة لم تعد مجرد “مُخرج” صوت، بل “مُدخل ومُخرج” يتكيف مع العالم من حولك. هذا الوعي يمثل جوهر الذكاء الاصطناعي على الجهاز الذي تروج له أبل، ويجعل سماعة AirPods برو 3 ليست مجرد ترقية في العتاد، بل في الفلسفة.
جودة صوت مُعاد تصميمها

التحسينات الصوتية لا تقتصر على عزل الضوضاء. لقد أعادت أبل تصميم البنية الصوتية الداخلية من الألف إلى الياء. السماعات تتميز الآن ببنية صوتية جديدة “متعددة المنافذ” مع محرك ومضخم صوت جديدين. هذا التغيير الجذري يترجم إلى تحسينات ملموسة في تجربة الاستماع.
الهندسة الجديدة تتحكم بدقة في تدفق الهواء الذي يحمل الصوت إلى الأذن، مما يعيد تشكيل استجابة البيس ويوسع “المسرح الصوتي” بشكل يسمح لك بسماع كل آلة موسيقية على حدة. كما أنها تضفي وضوحاً مذهلاً على الأصوات في الترددات الأعلى، سواء كنت تستمع إلى الموسيقى، أو تشاهد فيلماً، أو تجري مكالمة.
سماعات للصحة واللياقة: وداعاً لساعة أبل؟
تتجاوز سماعة AirPods برو 3 دور السماعات التقليدية لتصبح شريكاً صحياً في روتينك اليومي. هذا التحول الاستراتيجي يسلط الضوء على نية أبل في دمج منتجاتها في كل جانب من جوانب حياة المستخدم.
مستشعر نبضات القلب الجديد

لأول مرة في سماعة AirPods، يأتي الجيل الجديد بمستشعر مدمج لمعدل نبضات القلب. يستخدم هذا المستشعر تقنية تسمى “التصوير الضوئي لحجم الدم PPG” التي تقوم بإرسال ومضات ضوء غير مرئية بما يعادل 256 ومضة في الثانية، لقياس امتصاص الضوء في تدفق الدم. هذه البيانات، التي تُدمج مع بيانات أجهزة الاستشعار الأخرى مثل مقياس التسارع والجيروسكوب، توفر بيانات دقيقة للتمارين الرياضية.
يمكنك الآن استخدام سماعة AirPods برو 3 لتتبع أكثر من 50 نوعاً مختلفاً من التمارين في تطبيق “اللياقة” على آي-فون. يمكن للسماعات أن تقيس معدل نبضات قلبك والسعرات الحرارية التي تحرقها، بل وتساعدك على إغلاق “حلقة الحركة” الخاصة بك، كل ذلك بدون الحاجة إلى ارتداء ساعة أبل. وهذا يمثل نقلة نوعية. فبينما كانت هذه الميزات حصرية لساعة أبل، أصبح بإمكان المستخدمين الذين يفضلون عدم ارتداء ساعة، الحصول على بيانات دقيقة مباشرةً عبر سماعاتهم.
هذا التوسع يقلل من الحاجز أمام دخول نظام أبل البيئي الصحي، ويستهدف شريحة جديدة من العملاء الذين يركزون على الرياضة.
مقاومة للماء IP57

تأكيداً على هويتها الجديدة كجهاز رياضي، حصلت السماعات وعلبة الشحن على تصنيف IP57، وهو تحسين كبير مقارنةً بـIP54 في الجيل السابق. هذا التصنيف يعني أن السماعات يمكنها تحمل الانغماس المؤقت في الماء بعمق يصل إلى متر واحد، كما أنها مصممة للتعامل مع “التمارين الأكثر تعرقاً” وحتى “زخات المطر المفاجئة”.
هذا التحسين ليس مجرد رقم. إنه يؤكد أن أبل ترى سماعة AirPods برو 3 كجهاز أساسي للرياضيين، ويربط بشكل مباشر بين الميزة المادية (مقاومة الماء) والوظيفية (تتبع اللياقة).
تصميم مريح ومحكم.. مهما كان شكل الأذن

على الرغم من أن التغييرات في التصميم قد تبدو طفيفة، إلا أن تأثيرها على تجربة الاستخدام اليومية كبير. لقد أُعيد تصميم السماعات بالكامل من الداخل والخارج لتقديم ملاءمة أكثر ثباتاً وأداء صوتياً أفضل.
وقد كانت إحدى الشكاوى المتكررة من السماعات هي عدم ملاءمتها لجميع أشكال الأذن. لحل هذه المشكلة، تأتي سماعة AirPods برو 3 الآن بخمسة مقاسات من رؤوس الأذن المصنوعة من السيليكون، بما في ذلك مقاس XXS الجديد. إضافة هذا المقاس الجديد يظهر أن أبل توسع نطاق مستخدمي سماعة AirPods برو 3 ليشمل المزيد من الأفراد، مما يوفر ملاءمة محكمة، وهو أمر أساسي لتعزيز كل من جودة الصوت وعزل الضوضاء. فكلما كانت الملاءمة أفضل، كان العزل السلبي أقوى، وكانت التجربة الصوتية أفضل.
بطارية ذكية وعلبة شحن أكثر قوة

تتضمن سماعة AirPods برو 3 تحسينات ملحوظة في عمر البطارية، ولكن مع بعض التفاصيل الدقيقة التي يجب الانتباه لها.
عمر البطارية: أطول أم أقصر؟
السماعات الجديدة توفر ما يصل إلى 8 ساعات من الاستماع بشحنة واحدة مع تشغيل ميزة إلغاء الضوضاء، وهو تحسن كبير بنسبة 33% عن 6 ساعات في الجيل السابق. وهذا يعني أن بإمكانك الاستمتاع بجلستك الموسيقية أو تمرينك الرياضي دون القلق من نفاد البطارية. ومع ذلك، فإن إجمالي عمر البطارية مع العلبة انخفض إلى 24 ساعة مقارنة بـ30 ساعة في الجيل السابق.
هذا التناقض الظاهر ليس خطأ، بل هو نتيجة قرار تصميمي. أحد التفسيرات المحتملة هو أن شريحة U2 الجديدة قد تستهلك طاقة أكبر أو أنها تشغل مساحة أكبر داخل العلبة، مما أجبر أبل على تقليل حجم بطارية العلبة. وهذا يعني أن أبل أعطت الأولوية لتجربة الاستخدام الطويلة في جلسة واحدة (8 ساعات)، على حساب عمر البطارية الإجمالي للعلبة. هذا القرار يؤثر على المستخدمين الذين يسافرون لفترات طويلة أو لا يمتلكون فرصة لشحن العلبة بشكل متكرر.
شريحة U2: العثور على السماعات أصبح أسهل

علبة الشحن تأتي بشريحة أبل U2 الجديدة، وهي جيل ثانٍ من تقنية النطاق فائق العرض (Ultra Wideband). هذه الشريحة تحسن من دقة خاصية “العثور الدقيق” وتزيد من نطاقها بمقدار 1.5 مرة. هذا التطور يجعل العثور على العلبة المفقودة أسهل بكثير من السابق.
كما أن العلبة ما زالت تحتوي على مكبر صوت يصدر صوتاً مرتفعاً لتسهيل تحديد مكانها. هذا التحسين هو مثال واضح على كيفية جعل أبل لمنتجاتها أكثر تماسكاً وتكاملاً، مما يضيف قيمة للمستخدمين الموجودين في نظامها البيئي.
ميزات أخرى تجعلها متفردة
تتضمن سماعة AirPods برو 3 مجموعة من الميزات الإضافية التي تعزز قيمتها بشكل كبير.
◉ تقدم السماعات الجديدة ميزة الترجمة الفورية التي تسهل المحادثات المباشرة بين الأشخاص بلغات مختلفة.

◉ الميزات الصحية تتجاوز اللياقة لتشمل “اختبار السمع” و”وسيلة مساعدة السمع” للمستخدمين الذين يعانون من ضعف سمع خفيف إلى متوسط. كما أنها توفر “حماية للسمع” من خلال تقليل التعرض للضوضاء العالية في البيئة المحيطة.
◉ أبل تواصل التزامها بالاستدامة والاهتمام بالبيئة. فالسماعات مصنوعة من مواد معاد تدويرها بنسبة 40%، وتشمل ألومنيوم وقصدير وذهب معاد تدويره بنسبة 100% في بعض المكونات.
سماعة AirPods برو 3 مقابل سماعة AirPods برو 2

بعد كل هذه التفاصيل، يبقى السؤال الأهم: هل يجب أن تشتري سماعة AirPods برو 3؟ الإجابة تعتمد على السماعات التي تمتلكها حالياً. لنلقِ نظرة على الفروقات الرئيسية في هذا الجدول:

رأي آي-فون إسلام
لمستخدمي سماعة AirPods برو 2: إذا كنت من محبي اللياقة البدنية وتعتمد على تتبع التمارين، فإن مستشعر نبضات القلب الجديد وحده سبب كافٍ للترقية. أيضاً، إذا كنت تعمل في بيئة صاخبة وتزعجك الأصوات، فإن التحسين الكبير في عزل الضوضاء سيكون فارقاً كبيراً في تجربتك اليومية.
لمستخدمي الأجيال الأقدم سماعة AirPods 3 أو سماعة AirPods 2: الترقية إلى سماعة AirPods برو 3 ستمثل قفزة هائلة في كل شيء: جودة الصوت، وعزل الضوضاء، والميزات الذكية، والراحة. ستشعر وكأنك انتقلت إلى عالم آخر تماماً.
لمن هم جدد على منظومة أبل: إذا كنت تمتلك آي-فون وتبحث عن أفضل تجربة صوتية ورياضية متكاملة، فإن سماعة AirPods برو 3 هي الخيار الأفضل بلا منازع.
في الختام، سماعة AirPods برو 3 ليست مجرد ترقية تدريجية، بل هي نقلة نوعية في فئة السماعات اللاسلكية. بفضل عزل الضوضاء الأفضل في فئته، والميزات الصحية الثورية، والتصميم المحسن، والتكامل العميق مع منظومة أبل، فإنها تضع معياراً جديداً في السوق. إنها دليل على أن السماعات يمكن أن تكون أكثر من مجرد جهاز للاستماع؛ بل يمكن أن تكون شريكاً ذكياً في حياتك اليومية.
المصادر:



12 تعليق