مع كل إصدار جديد من الآي-فون، تتفنن آبل في ابتكار ألقاب رنانة وبراقة تشعل فضول المستخدمين وتزيد من جاذبية منتجاتها. وهذه المرة وصفت آي-فون Air بأنه الأنحف على الإطلاق حيث لا يتعدى سمك الجهاز 5.6 ملم فقط. ليصبح أنحف وأكثر أجهزة الآي-فون صلابة حتى الآن. غير أن هذا التصميم النحيف لا يخلو من مفارقة مثيرة، فما السر الذي تخفيه آبل؟ وكيف استطاعت خداع أعيننا بذكاء تسويقي غير مسبوق؟

آي-فون Air

آبل تعلم جيدًا أن مظهر الجهاز يلعب دورًا كبيرًا في جذب المستخدمين، لكنها في المقابل لم تتحدث بوضوح عن التنازلات التي رافقت هذا التصميم. نعم، آي-فون Air يبدو متينًا، لكنه في النهاية يعتمد على بروز واضح للكاميرا الخلفية التي تعمل بدقة 48 ميجابيكسل، وهو تفصيل يجعل ادعاء “الأنحف” محل جدل. فما الفائدة من تقليص السمك بشكل كبير، بينما يظل المستخدم مضطرًا للتعامل مع نتوء مزعج في التصميم.
الأمر لا يتوقف عند الشكل، فمعادلة “الأخف والأرق” غالبًا ما تأتي على حساب ميزات أخرى في غاية الأهمية مثل البطارية حيث يضم آي-فون آير بطارية بسعة 3149 ميللي أمبير هذا الأمر يجعلها قادرة على تشغيل الفيديو لمدة 27 ساعة. أي أقل من بطارية آي-فون 17 القياسي التي يمكنها تشغيل الفيديوهات لغاية 30 ساعة. وبالطبع أقل من بطارية برو و برو ماكس حيث يمكن للبطارية العمل لغاية 37 ساعة من تشغيل الفيديوهات.
أيضا ضحت آبل بالكاميرا من أجل النحافة ليأتي هاتفها الجديد بكاميرا رئيسية واحدة وهي ليست قوية مثل الموجودة في الفئة برو. كذلك لا يجب أن ننسى المعالج، لأنه يتشابه في الاسم فقط مع معالج آي-فون 17 برو و آي-فون 17 برو ماكس لكن عندما يتعلق الأمر بالأداء، كلا المعالجين مختلفين تماما ولا يقترب معالج آي-فون Air من أداء معالج الفئة برو على الإطلاق. هذه الميزات المفقودة، تجعل تجربة الاستخدام ليست الأفضل لعملاء الشركة. وعلى ما يبدو فقد اختارت آبل أن تراهن على الانطباع الأول، لا على الاستدامة.
خدعة آبل

عندما تتحدث الشركات عن نحافة هواتفها، غالبًا ما تتجاهل تفصيلًا صغيرًا لكنه بالغ الأهمية وهو نتوء الكاميرا (يقصد به المنطقة البارزة في الجزء الخلفي من الهاتف الذكي والذي يضم الكاميرا). آبل ليست استثناء من هذه القاعدة. فبينما تروج الشركة لآي-فون Air بسمك لا يتجاوز 5.64 ملم، فإن الواقع مختلف إذا أخذنا نتوء الكاميرا في الحسبان. إذ يبلغ بروز الكاميرا وحده 5.68 ملم، ما يجعل السمك الفعلي للجهاز مضاعف في الجزء العلوي من الجهاز.
قد يعتقد البعض أن الأمر عبارة عن نوع من الخداع التسويقي. لكن الحقيقة أن تصميم الكاميرات الحديثة يفرض على الشركات اعتماد مكونات أكبر، وبالتالي بروز أوضح. وبسبب غياب معيار عالمي يحدد كيفية قياس سماكة الهواتف فإن الشركات المصنعة مثل آبل وغيرها، عادةً ما تستخدم هيكل الجهاز كمعيار ومرجع رسمي.
وهكذا، طالما أنك لا تحتسب نتوء الكاميرا، حينها سيكون آي-فون Air هو أنحف هاتف من آبل حتى الآن. لأن الهيكل الرئيسي للجهاز يبلغ سمكه 5.64 مم، وبإضافة نتوء الكاميرا الخلفية الذي يبلغ سمكه 5.68 مم. يصبح السمك الإجمالي لآي-فون Air هو 11.32 مم.
حقيقة أنحف آي-فون

بعد احتساب نتوء الكاميرا ، فإن السُمك الحقيقي لآي-فون Air يضعه أسفل خط الأساس آي-فون 17 القياسي الذي يأتي بسمك 11.4 مم. وفي الوقت نفسه، يبلغ سُمك الفئة برو 13.18 مم. وإذا كنا ترغب في معرفة أنحف آي-فون في تاريخ آبل، فإن آي-فون 5 وآي-فون 5s والجيل الأول من آي-فون SE يهيمنون على القمة بنحافتهم التي تبلغ 7.6 مم (السُمك يشمل نتوء الكاميرا).
في الواقع، إذا استبعدنا الجيل الأول من الآي-فون واصدار آي-فون 3G، فلن نجد أي جهاز آخر يتجاوز حاجز 10 ملم من حيث السمك الكلي حتى نصل إلى آي-فون 12 برو ماكس الذي يبلغ سمكه 10.18 ملم. أما آي-فون 13 ميني بسمك 9.13 ملم و آي-فون 16e بسمك 9.48 ملم، فهما الاستثناءان الوحيدان من الأجيال الحديثة اللذان يقل سمكهما عن 10 مم حتى مع إضافة نتوء الكاميرا.
حجم الكاميرا مهم

للأسف، تبقى نتوءات الكاميرا جزءًا مزعجًا ولكنه ضروري في تصميم الهواتف الذكية الحديثة. والسبب وراء ذلك يعود إلى عاملين رئيسيين: جودة الكاميرا والتكبير البصري. فمع تزايد تطلعات المستخدمين ورغبتهم في صور أوضح وأكثر دقة، كان لا بد من الاعتماد على مستشعرات أكبر وأكثر تطورًا قادرة على التقاط ضوء إضافي وتحسين جودة الصور بشكل ملحوظ. أما بالنسبة للتكبير البصري، فهو يتطلب مساحة داخلية أوسع وعدسات أكثر تعقيدًا، وهو ما يؤدي بدوره إلى بروز الكاميرا بشكل ملحوظ. وهكذا، يظل هذا النتوء شرًا لا مفر منه مقابل الحصول على تجربة تصوير أكثر من رائعة.
تجدر الإشارة إلى أن تصميم آي-فون Air يعتبر مزيجًا فريدًا بين الأناقة والتطور التكنولوجي، حتى مع التنازل الواضح في حجم نتوء الكاميرا لاستيعاب عدسة بدقة 48 ميجابكسل. لأنه حتى الآن، لم تصل تقنيات التصغير إلى المستوى الذي يسمح بدمج كاميرات احترافية داخل هيكل نحيف دون بروز. كذلك النتوء ستظل جزءًا ملازمًا لتجربة الهواتف الذكية في المستقبل. ومع ذلك، فإن هذا لا يقلل من قيمة الإنجاز الذي حققته آبل، إذ ما زالت قادرة على تقديم هاتف فائق النحافة، يتمتع بصلابة عالية ولا يوجد هاتف آخر يمكنه المنافسة حتى الآن.
في النهاية، يمكن القول بأن ما فعلته آبل مع آي-فون Air هو تكرار استراتيجيتها التقليدية عبر اللعب على العناوين الكبيرة والتسميات الرنانة، مع ترك التفاصيل المزعجة للمستخدم كي يكتشفها بنفسه. وهذا يعيدنا إلى السؤال الأهم: هل نحن أمام هاتف فريد من نوعه بقدرات ومواصفات مميزة أم لا.
المصدر:



7 تعليق